مزيج الطاقة .. حاجة لا اختيار! | مركز سمت للدراسات

مزيج الطاقة .. حاجة لا اختيار!

التاريخ والوقت : الإثنين, 22 أبريل 2024

م. عبدالرحمن النمري

تعد الطاقة بلا شك شريان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض، وعليه فإن النمو الاقتصادي لأي دولة يرتبط ارتباطا وثيقا بصناعاتها المختلفة، ولنمو القطاع الصناعي واستدامته لا مناص لأن تكون شرايين الطاقة مستقرة ومستدامة. الجدير بالذكر أن النمو السكاني والاقتصادي المتسارع في هذا العالم المترامي الأطراف يعني بالضرورة نمو الطلب على الطاقة، ويعني أيضا أن اختلال توازن منظومة الطاقة العالمية سيؤدي إلى تقويض هذا النمو، ما سيؤدي إلى تبعات اقتصادية واجتماعية غير محمودة.

مزيج الطاقة ضرورة ملحة للمحافظة على المصادر الناضبة منها، وللمحافظة على أمن الطاقة العالمي والمستقبل المحفوف بمخاطر شح الطاقة وانعكاساته الكارثية، لا قدر الله، حيث إن العلاقة بين مصادر الطاقة يجب النظر إليها نظرة شمولية على أنها علاقة تكاملية لا علاقة تفاضلية وتنافسية بحتة، ليس سرا أن هناك توجها عالميا معلنا، بل خطط تنفيذية على أرض الواقع للوصول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية في مدد زمنية مختلفة، والجدير بالتنويه أن الإطار الزمني لوصول هذه الدول إلى أهدافها يختلف بين دول وأخرى وفق عوامل كثيرة منها، الاقتصادي والسياسي وغيرهما، حيث تتباين على أثرها الأدوات المتاحة لتنفيذ هذه الخطط، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعتقد صناع القرار أن رحلة التحول بمنزلة ثوب يناسب مقاسه الجميع! في اعتقادي أن المعادلة لتحقيق الأهداف المرصودة فيما يخص الانبعاثات ومصادر الطاقة المختلفة، إضافة إلى قضايا المناخ المبالغ فيها من بعض الجهات، هي معادلة معقدة جدا، ورحلة تحول الطاقة هي رحلة طويلة وشاقة، وطريقها طويلة ليست محفوفة بالورود! الحل في رأيي أن يعي صناع القرار أن مزيج الطاقة الأمثل يصب بلا شك في صلب أمن الطاقة العالمي، وهو حاجة ملحة لمستقبل الطاقة وأمنها لا خيرا أو رفاهية، وهذا يعني أن الأجدر هو التكامل واستغلال الموارد والعقول لرفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون استثناء، فالعالم متعطش للطاقة وسيبقى كذلك. يجب أن ننطلق من مبدأ رئيس وأرض مشتركة لتحقيق الأهداف المشتركة، وعلى رأسها الاتفاق على أن رحلة التحول لمصادر الطاقة النظيفة لا تعني تهميش الوقود الأحفوري مطلقا، وهي رحلة يجب أن تكون رحلة جماعية وقافلة يجب أن تتسم بأعلى معايير الانسجام والموضوعية والنظرة الاستشرافية الواقعية.

أعلنت السعودية خطتها للوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول 2050، ورسمت وزارة الطاقة خريطة طريق عملية وموضوعية لتحقيق ذلك، ومن أهم ملامح هذه الخريطة توليد نحو 12 جيجا واط سنويا من الطاقة المتجددة بحلول 2030، وإنتاج نحو 11 مليون طن من الأمونيا الزرقاء سنويا بحلول 2030 كذلك. تهدف كذلك إلى خفض استخدام الكربون في إنتاج النفط والغاز 15 %، دون تقويض صناعته، كما ينادي البعض! أكرر أن العلاقة بين مصادر الطاقة يجب أن تكون علاقة تكاملية لا صفرية، وعنوان المرحلة هو رفع كفاءة استخراج واستهلاك جميع مصادر الطاقة حفظا لأمن الطاقة العالمي، وكخطوة استباقية لتلبية الطلب العالمي المستقبلي المتوقع على الطاقة، لتفادي السيناريو الأسوأ وهو شح الطاقة وتبعاته.

المصدر: الاقتصادية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر