سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عبدالرحمن الراشد
هل يمكن أن تكون إيران باعت حزب الله لأميركا وإسرائيل؟
من المستبعد ذلك. إسرائيل عمليًا انتصرت عسكريًا على الحزب، ونجحت في القضاء على قادته، بمن فيهم الأكثر صعوبة الوصول إليه حسن نصر الله. عندما تقول إيران تخلت عنهم، هذا يعني الاعتقاد بأن إيران قوية والحزب منيع وإسرائيل فشلت في حربها. وهذا غير صحيح. رأينا قدرات إسرائيل العسكرية والاستخبارية الرهيبة، هذه حقيقة واضحة للجميع في هذه الحرب.
حزب الله كتيبة تابعة لإيران وليس حليفًا حتى تتخلى عنه. إذا كانت هناك مساومات، فبمقدورها أن تبلغ الحزب بالكف عن استهداف إسرائيل والاتفاق على الحد من تسليحه. في حين الحليف وضعه مختلف. لنقل سوريا هنا يمكن إيران أن تتخلى عنها في لحظة الحسم أو اتفاق خارجي. وكذلك الوكيل الحوثي لضعف أهميته يمكن أن يُباع في أول صفقة.
كيف كان بمقدور إسرائيل تنفيذ هذا الكم الكبير من الاغتيالات من طهران إلى الضاحية؟
قد ترشح معلومات أكثر وضوحًا عن هذه الانتصارات الصعبة والكثيرة فعلاً. دائمًا تستعين إسرائيل بتقنية التجسس المتقدمة، وهي فيها متفوقة، وتستعين بالأجهزة الأميركية. إنَّما في هذه الحرب تُبيِّن عمليات الاغتيالات أن هناك اختراقات خطيرة في داخل حزب الله مكَّنت إسرائيل من الوصول إلى أهدافها، حتى عندما توقف الحزب عن استخدام الهواتف واللاسلكيات والبياجر. ومع هذا، عرفت متى وأين اجتماعات القيادات العسكرية واستهدفتها بعمليات قصف ناجحة، ووصلت إلى شخصيات اختبأت في شققها وسط أحياء مدنية، وجاء اغتيال نصر الله قمة عملياتها المعقدة بتدمير مجموعة مبانٍ في لحظة حاسمة.
هذه الدقة في الوصول فشلت إسرائيل في تحقيقه بنفس الدرجة مع حركة حماس في غزة؛ لهذا طالت المدة، مما يوحي أن اختراقها لحماس كان محدودًا منذ هجمات أكتوبر التي فشلت في رصدها والتصدي لها.
بعد هذا الدمار الذي أصاب قيادات وقدرات حزب الله، هل حان وقت دفنه؟
بالتأكيد لم يحدث للحزب مثل هذا التدمير من قبل، ومن المؤكد سيحتاج إلى وقت طويل ليعود بكامل قوته، لكن التحديات كثيرة:
ما هي المكاسب من إخراج الحزب من اللعبة ولو مؤقتًا؟
لنتذكر أن حزب الله ميليشيا عابرة للحدود. سيفتقده الإيرانيون كثيرًا في سوريا والعراق واليمن.
وستضعف مساومة إيران في مفاوضاتها المقبلة المتوقعة بعد الانتخابات الأميركية نتيجة تدمير ذراعها الخارجي الأهم.
أتوقع أن سوريا، التي اختارت الاختباء في سنة الحرب الحالية، سعيدة بإضعاف الحزب الذي يقوم بفرض النفوذ الإيراني على أراضيها.
كذلك الحوثي. حزب الله هو المشغل لنشاطات اليمن العسكرية والتنظيمية والتدريبية وحتى الإعلامية.
وهزيمته سبَّبت حرجًا كبيرًا للحوثي أمام أتباعه بعد أن كان يفاخر بعلاقته الخاصة به.
ماذا عن لبنان؟
حزب الله هو الغوريلا الضخمة في الساحة اللبنانية، هيمن على كل مناحي الحياة، بعد أن قام بعمليات اغتيالات كبيرة لقادة وسياسيين ومثقفين، وبقوة السلاح صار الحاكم الحقيقي خلف الواجهات المزورة من برلمان ورئاسة واستخدم الجيش لأغراضه.
لاحظوا، هذه المرة إسرائيل حصرت هجماتها على حزب الله ومناطقه، بخلاف الحربين الماضيتين التي دمرت مرافق البلاد ومدنه.
هناك خطر أن تقوم ميلشيات حزب الله المحلية بإشعال معارك مسلحة في بيروت وخارجها؛ للتأكيد على سلطتها وخلق مناخ من الفوضى مع الفراغ، وربَّما أيضًا نتيجة رغبة القوى اللبنانية الخروج على سلطته في مناطقها.
ما هي القضايا التي ستشغل الحزب في المرحلة الحالية؟
الأرجح أنه سيبدأ في البحث عن مصدر الاختراقات؛ لأنه لن يستطيع، ولا إيران ستساعده على إعادة بناء قدراته وإحلال قياداته طالما وجد هناك طابورًا من الجواسيس العاملين لإسرائيل؛ إذ يبدو أنهم في أعلى المراتب. وسيحتاج التعامل مع هذا الموضوع الحساس إلى حذر شديد.
مخلفات هزيمة الحزب ومن بينها إدارة اللوجستية، وهي التي بدأت منذ أمس مع انتشار شكاوى المنتمين للحزب وعائلاتهم والمهجرين بدون مساكن، ولا يوجد أحد يدير هذه العمليات التي تهدد سمعته وعلاقاته الداخلية.
ولا ننسى أن القادة ومئات الأفراد الذين دفنوا تحت ركام المباني أيضًا دفنت معهم خزائن الحزب بمئات ملايين الدولارات. وستضطر إيران إلى أن تعوضهم عنها أو تستعين بالعراق ليقوم بالمهمة.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر