لماذا يمكن أن تكون البنية التحتية الرقمية عامل تغيير في ألعاب الأطفال؟ | مركز سمت للدراسات

لماذا يمكن أن تكون البنية التحتية الرقمية عامل تغيير في ألعاب الأطفال؟

التاريخ والوقت : الجمعة, 27 يناير 2023

كريس لارسون

في أجزاء كثيرة من العالم، يبدو أن جائحة كوفيد-19 قد انتهت وعادت الحياة إلى طبيعتها لما كانت عليه سابقًا. لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للجميع. فالظلال التي ألقت بها الجائحة لا تزال طويلة المدى، وتهدد حياة الأطفال، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في العالم، وفيما يلي بعض الأمثلة عن ذلك: 

ففي العامين الأولين من الجائحة، وقع 100 مليون طفل في براثن الفقر، بزيادة قدرها 10% منذ عام 2019. وعلى خلفية أزمة التعلم حول العالم، ومع وجود ما يقرب من ثلثي الأطفال في سن العاشرة الذين تتوفر لديهم القدرة على القراءة على الإطلاق، أدى الاضطراب العالمي في التعليم الناجم عن الجائحة إلى تفاقم الأزمة إلى حدٍّ بعيدٍ، وقد كان لذلك تأثيرات شديدة على التعليم. فقد تم إيقاف أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم وتفاوتت جودة فرص التعلُّم عن بُعد في نهاية المطاف ومدى انتشارها بشكل كبير. وقد كانت هناك، على أحسن الأحوال، بدائل محدودة للتعلُّم الشخصي. بينما نشهد للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود أكبر تراجع مستدام في تطعيمات الأطفال، إذ إن حوالي 25 مليون طفل يفتقدون في الوقت الحالي اللقاحات المنقذة للحياة كل عام.

إن التحرك لمواجهة هذه التحديات يتطلب جهودًا جماعية ومتجددة، وذلك إذا أردنا أن نقترب من تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 من خلال إنشاء مجتمع يتم فيه إشراك جميع الأطفال ويتمتعون بالوكالة والفرص والحقوق دون تمييز.

فالتقنيات الرقمية يمكن أن تساعدنا في إنشاء هذا العالم بالنسبة للأطفال. إذ يتم الاعتراف بشكل متزايد بتسخير التقنيات الرقمية والوصول العادل إلى الاتصال وبناء البنى التحتية الرقمية العامة التأسيسية كطرقٍ فعالة لتزويد الأطفال والمراهقين بإمكانية الوصول إلى التعليم والصحة والحماية.

وتشير البنية التحتية الرقمية إلى الحلول والأنظمة التي تتيح الوظائف والخدمات الأساسية بفاعلية على مستوى المجتمع في القطاعين العام والخاص، وتشمل الأمثلة على إمكاناتها للأطفال ما يلي:

تمكين الوصول إلى خدمات الحماية والصحة

توفر التقنيات الرقمية تحسينات تحويلية لأنظمة التسجيل المدني والإحصاءات الحيوية، إذ تشكل هذه الأنظمة أساس تسجيل المواليد الذي يعد شرطًا أساسيًا لممارسة حقوق الطفل. فبدون إثبات قانوني للهوية، يُترك الأطفال غير معدودين ولا يُحصون، مما يستبعدهم من الوصول إلى خدمات الحماية الاجتماعية والتعليم والخدمات الصحية. ويوفر التحول الرقمي (الرقمنة) وجمع ومعالجة وتخزين بيانات السجل المدني مجموعة من الفوائد عبر القطاعات. ويسهم ذلك في تحسين تكامل هذه العملية، ويتيح أيضًا استرجاع السجل الفوري في أي نقطة تسجيل، ويمكن أن يوفر الأساس للتعريف الرقمي. ويعد اتباع نهج متعدد القطاعات وقابلية التشغيل البيني مع القطاعات الأخرى، مثل الصحة، أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق هذه الفوائد.

الحد من الفقر

من خلال المدفوعات الرقمية من حكومة إلى شخص وسجلات اجتماعية رقمية، يمكن توصيل الخدمات الاجتماعية إلى الأطفال الأكثر ضعفًا، ويمكن تحسين الاستجابة للطوارئ والقدرة على الصمود بشكل كبير. وتدعو منظمة الأمم المتحدة للصحة “اليونيسف” إلى التركيز على أهمية بيانات الحماية الاجتماعية الروتينية وأنظمة المعلومات للتأهب للصدمات والاستجابة لها. وتعتبر هذه الأنظمة قوية بشكل خاص إذا تم توفير إمكانية التشغيل البيني، أو ترتيبات مشاركة البيانات مع السجلات الحكومية الأخرى، مثل أنظمة CRVS، وقد دعمت “اليونيسف” تنفيذ مثل هذه الأنظمة في نيبال والعراق والصومال.

تحسين فرص الحصول على التعليم 

يعد توسيع نطاق البنية التحتية الرقمية للتعلُّم مكونًا مهمًا لتحويل التعليم. فمن خلال مبادرة بوابات التعليم الرقمي العام، تدعو “اليونيسف” إلى تسهيل إمكانية الوصول إلى محتوى التعليم عبر منصة وطنية يتم الإشراف عليها واستدامتها وتحسينها من خلال الموارد العامة. لذا، يجب أن تكون هذه المنصات مجانية لجميع المستخدمين، وأن تكمل وتدعم التدريس والتعليم الذي يحدث في المدرسة.

وتوجد العديد من الأمثلة الناجحة على ذلك مثل منصة (جواز السفر التعليمي) Learning Passport ، التي طورتها “اليونيسف” وتدعمها شركة “مايكروسوفت” Microsoft ، للحكومات في جميع أنحاء العالم لإدارة الأزمة التعليمية من خلال تمكين التدريس والتعليم من خلال منهج محلي يمكن الوصول إليه بسهولة عبر إنترنت غير متصل. وبالمثل، تتيح منصة التعلم الرقمية الهندية DIKSHA، على سبيل المثال، للمتعلمين الوصول إلى أكثر من ثمانين ألف كتاب إلكتروني بلغات متعددة، ويوفر فرص تدريب للمعلمين. وتعتمد منصة التعليم الهندية على تقنية مفتوحة المصدر ويمكن تخصيصها من قبل البلدان الأخرى. وهناك فوائد للبنية التحتية العامة الرقمية واضحة، لكنها لا تأتي دون مخاطر كبيرة على حقوق الأطفال ما لم يتم تخفيفها. إذ يعد ضمان حماية البيانات من خلال اتفاقيات مشاركة البيانات الواضحة والأطر التنظيمية أمرًا بالغ الأهمية. ولمواجهة مخاطر الاستبعاد، يجب استكمال الابتكارات الرقمية بابتكارات غير تكنولوجية للوصول إلى كل طفل. وفي حالة منصةCRVS ، على سبيل المثال، فإن الأمر ينطوي على قدر من اللامركزية من أجل زيادة العرض، وكذلك توليد الطلب من خلال المخططات التي تتضمن حوافز. ففي تنزانيا، على سبيل المثال، دعمت “اليونيسف” الحكومة في عملية التحول الرقمي فيما يخص تسجيل المواليد وإضفاء الطابع اللامركزي عليه، وجعل هذه العملية في المتناول وبأسعار معقولة. وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في تغطية التسجيل للأطفال دون سن الخامسة.

وبفضل خبرة “اليونيسف” في هذا المجال، يمكن أن نقترح ثلاثة أشياء لتسريع بناء البنية التحتية الرقمية العامة للأطفال، وذلك على النحو التالي:

أولاً: تحسين توافر ونضج الحلول مفتوحة المصدر أو السلع العامة الرقمية، وهو ما يعد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لحالات الاستخدام الرئيسية أو عناصر البنية التحتية، مثل: التسجيل المدني، والسجلات الاجتماعية، وأنظمة المدفوعات من حكومة إلى شخص. إذ تحتاج منح سياسات التنمية إلى أن تكون مدعومة بأنظمة إيكولوجية قوية للتنفيذ لبث الثقة باستعدادها للتنفيذ. 

ثانيًا: زيادة الاستثمار، إذ إن تنفيذ أنظمة النطاق السكاني مسألة مكلفة، وبالتالي فقد تم إهمالها في كثير من الأحيان. فمن الأهمية بمكان أن تدرك الحكومات والجهات المانحة والشركاء المنفذون أهمية هذه الأنظمة عبر القطاعات ومقاومة الصدمات. إذ يمكن أن يؤدي تجميع الأموال من خلال أساليب جديدة، مثل صندوق التنمية المشترك، إلى زيادة قدرة الحكومات والشركاء على تنفيذ مثل هذه الأنظمة.

ثالثًا: زيادة التعاون بين كافة الجهات المعنية وأصحاب المصلحة، فأدوات التعاون الدولي الرئيسية، مثل: الميثاق الرقمي العالمي للأمم المتحدة، وتحالف السلع العامة الرقمية، الذي تشارك في استضافته منظمة “اليونيسف”، تجري بالفعل لزيادة المشاركة والتنفيذ في البنية التحتية الرقمية العامة. ومع ذلك، فهناك حاجة للمزيد من المعرفة ومشاركة التكنولوجيا لإطلاق العنان لإمكانات الأطفال الرقمية بشكل كامل.

أخيرًا، فإن منظمة “اليونيسف” تلتزم بالعمل مع الشركاء على دفع تنفيذ البنية التحتية الرقمية العامة لكل طفل. وبالتالي، فمن خلال العمل الجماعي يمكننا بناء مستقبل يتم فيه استخدام التقنيات الرقمية لتمكين كل طفل من تحقيق إمكاناته.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر