الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأتمتة في مستقبل التشخيصات

كيف سيشكل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأتمتة مستقبل التشخيصات؟

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 4 يونيو 2024

Ranga Sampath

تشكل نتائج الفحوصات المخبرية الأساس لمعظم القرارات الطبية. ومع ذلك، من المحتمل أن تكتسب هذه النتائج أهمية أكبر في مجال الرعاية الصحية، بالنظر إلى الاتجاهات المستمرة في صحة الإنسان. تشمل هذه الاتجاهات شيخوخة السكان، وارتفاع معدلات الأمراض غير المعدية، وزيادة في حالات السرطان المبكرة، والسمنة، والسكري من النوع الثاني، والأمراض القلبية الأيضية، والأمراض التنكسية العصبية الأخرى.

بالفعل، تعتمد الصحة العالمية في المستقبل إلى حد كبير على مستقبل الفحوصات التشخيصية. ولكن كيف ستبدو المختبرات السريرية في السنوات القادمة؟

التحديات الحرجة في الرعاية الصحية والتشخيصات

ستظل الدقة وسرعة الحصول على النتائج والوصول إليها دائمًا أعمدة الجودة في الفحوصات التشخيصية. ومع ذلك، فإن بعض الظروف في مجال الرعاية الصحية تهدد هذا الثلاثي الحيوي. إن ابتكار حلول لضمان بقاء هذه الأعمدة سليمة، سيكون أمرًا أساسيًا لتطوير صحة الإنسان على مستوى العالم.

على مدار العقد الماضي، واجهت صناعة الرعاية الصحية نقصًا متزايدًا في عدد المتخصصين المؤهلين من تقنيي المختبرات إلى الممرضين والأطباء. ينتشر الإرهاق والتعب بين الموظفين المجهدين، وتكون تداعياته كبيرة. في المختبرات التشخيصية التقليدية، على سبيل المثال، تتسبب العينات التي تم وضع علامات خاطئة عليها والأخطاء البشرية الأخرى، في تعريض سلامة المرضى للخطر وزيادة تكاليف الرعاية الصحية.

أضف إلى ذلك ارتفاع الأسعار وندرة الموارد الطبية. وتحد هذه الضغوط النظامية من الوصول إلى الرعاية، مع التأثير الأكبر على المناطق النائية والمحرومة بالفعل في العالم. وتؤدي هذه التحديات المستمرة إلى عواقب متتابعة على رعاية المرضى، مثل: أخطاء تشخيصية، وتأخر في التشخيص والعلاج أو تفويت التشخيص تمامًا؛ مما يزيد التكلفة وينتج عنه نتائج صحية أسوأ.

مع ازدياد التحديات التي تواجهها المختبرات التشخيصية اليوم، بات من الضروري البحث عن طرق لتعزيز دقة وكفاءة عمليات الكشف المبكر عن الأمراض. ففي ظلّ سعي الأطباء لتقديم أفضل العلاجات الممكنة للمرضى، يصبح الاعتماد على التقنيات الحديثة والناشئة ضرورة ملحة.

قوة الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات

يدخل في هذا المزيج التشخيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي. إذ يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل مجموعات ضخمة من بيانات التشخيص والصور الطبية وسجل المرضى لتحسين دقة التشخيص وتحديد الأمراض في مرحلة مبكرة. ويمكن لهذه الخوارزميات تعزيز القدرات التحليلية ومعالجة فائض البيانات الطبية التي يواجهها الأطباء.

يُذكر أن التحليل المدعوم بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تقليل أوقات الحصول على النتائج. فكلما حصل الأطباء على نتائج الفحوصات التشخيصية بسرعة أكبر، تمكن المرضى من بدء العلاج في وقت أقرب. هذا أمر محوري، حيث يكون التوقيت غالبًا عاملًا فارقًا في كيفية استجابة المرض للعلاج. علاوة على ذلك، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي نعمة للطب الشخصي، مما يمكن من إجراء تحليل واقعي وفعال زمنيًا للتاريخ الطبي الفريد للمريض والبيانات الجينية للتنبؤ بخطر الإصابة بالأمراض وتخصيص خطط العلاج.

بالنسبة إلى المناطق النائية والمحرومة، يمكن لنظم المختبرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مع الطب عن بُعد، توسيع الوصول إلى الرعاية عن طريق توفير التشخيصات المتقدمة التي لم تكن متاحة من قبل.

وعد “المختبرات الذكية”

تخطو أتمتة المختبرات خطوات هائلة مع دمج الذكاء الاصطناعي في الروبوتات. فبعد أن اقتصرت على المهام المتكررة مثل تحضير العينات وتحليلها، ستتمكن الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في المستقبل من اتخاذ قرارات ذكية بناءً على البيانات التي تتعامل معها. قد تكون هذه “المختبرات الذكية” المؤتمتة بالكامل قادرة على العمل على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع وعلى مدار السنة مع إشراف بشري ضئيل، مما يزيد من الكفاءة ويوفر النتائج في الوقت الفعلي.
سيمكن تقدم تقنيات الروبوتات البشرية القادرة على أداء العمليات الذكية دون تدخل بشري أو مجموعة من القواعد المبرمجة مسبقًا، من تحقيق سيناريوهات بحيث تكون هذه الروبوتات بالفعل تقنيي مختبرات المستقبل تعمل على مدار الساعة وطوال العام.

سيُحدث نقص الموظفين، وتراجع عدد المتخصصين الذين يدخلون المجال، والحاجة إلى بقاء المتخصصين الحاليين مركزين على المهام ذات المستوى الأعلى، فرقًا هائلًا في قدرة المختبرات على مواكبة الطلب.

باستخدام التشخيصات المتصلة رقميًا والاستفادة من الكميات الهائلة من البيانات التي يتم توليدها أثناء عملية التشخيص، ستكون المختبرات الذكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والروبوتات قادرة أيضًا على تحديد الاتجاهات والأنماط والترابطات التي قد لا يتم اكتشافها بطرق أخرى. وهذا يُترجم إلى التنبؤ بتفشي الأمراض، وتحديد الفئات السكانية عالية المخاطر، والمساهمة في أبحاث علم الأوبئة والجائحات.

يمكن للأدوات التحليلية المستندة إلى الذكاء الاصطناعي التي تكون قابلة للتوسع وسهلة الاستخدام وشفافة في نشرها أن تساعد في تفسير البيانات لتحسين عملية اتخاذ القرار، خاصة خلال الأزمات الصحية العامة التي تتطور بسرعة. لقد تعلمنا من جائحة COVID-19 أن البيانات السريرية القابلة للتنفيذ يمكن أن توجه صياغة السياسات المستندة إلى الأدلة وإجراء التعديلات على أنظمة الرعاية الصحية.

احتضان مستقبل الفحص التشخيصي

يجب التغلب على عقبات متعددة عند تبني أي تكنولوجيا جديدة. وينطبق نفس الأمر على مختبر التشخيص في المستقبل. يشكل الوصول إلى البيانات واستخدامها تحديات كبيرة، لكن هذه التحديات ستستمر في التحسن مع عمل منظمة الصحة العالمية “WHO” والوكالات الأخرى على معايير بيانات الصحة العالمية. ويُذكر أنه يجب علينا تجنب خلق فجوة إضافية في عدم المساواة في الرعاية الصحية من خلال جعل هذه الحلول متاحة للجميع.

بينما قد يبدو على السطح أن هذه الحلول المقترحة توحي بأن الآلات تستحوذ على عالمنا، فإنها في الواقع يمكن أن تدعم تحسين جودة الحياة لكل من المرضى وموظفي المختبرات. سيساعد استخدام الأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي في معالجة المشكلات الحالية مع تقديم فوائد أكبر، وبالتالي تحسين خدمات المختبرات التشخيصية. ومن المرجح أن تصبح المختبرات الذكية مركزية في البنى التحتية للرعاية الصحية مع تقدم التكنولوجيا. من خلال تغيير كيفية إجراء الفحوصات الطبية والتشخيصات، سيُفتح المجال لجيل جديد من العمال المهرة الذين سيقودون هذا التطور.

نشهد اليوم منعطفًا حاسمًا في مسيرة الرعاية الصحية العالمية، يتطلب منا بذل جهود جبارة لتحسين النتائج الصحية لجميع شعوب الأرض. ويُعد الاستثمار في مختبر التشخيص المستقبلي خطوة حاسمة لمواكبة التغيرات المتسارعة في التركيبة السكانية العالمية، وأنظمة الرعاية الصحية، وحالة الصحة العامة بشكلٍ مستدام.. صناعة التشخيص جاهزة لمستقبل جديد. ومن خلال تبني هذا المستقبل، يمكننا ضمان حياة أكثر صحة للجميع.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر