Kanni Wignaraja, Debora Comini

في المساحات الشاسعة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ “APAC”، وصلت الحاجة الملحة لمواجهة التحديات المزدوجة للاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي إلى نقطة حرجة. إن رياح التغير المناخي المعاكسة، إلى جانب التقدم التكنولوجي غير المتكافئ، تزيد من تحديات النمو المستدام في المنطقة. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 63% “19 تريليون دولار” من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، معرض للخطر بسبب فقدان الطبيعة الناجم عن النشاط البشري والتغير المناخي.

وسط هذه التحديات، تظل منطقة آسيا والمحيط الهادئ الأسرع نموًا في العالم. يعتمد الحفاظ على هذا المسار على استثمارات الحكومات والشركات في الاقتصاد الرقمي والسياسات التي تمكن من الابتكارات ونمو المؤسسات، ولكن أهم من ذلك، على توسيع وتحضير القوة العاملة للمستقبل وبناء القدرة على الصمود نحو مستقبل خالٍ من الانبعاثات واقتصادات أكثر خضرة.

إمكانيات هائلة للوظائف والاستثمارات الخضراء

تملك منطقتنا القدرة على توليد أكثر من 14.2 مليون وظيفة خضراء صافية بحلول عام 2030، مما يخلق فرصًا لأكثر من ملياري شاب وشابة. وقد شهدت المنطقة بالفعل نموًا بنسبة 30% في توظيف الوظائف الخضراء بين عامي 2016 و2021.

من المتوقع أن ينمو سوق الأعمال الخضراء في آسيا ليصل إلى ما بين 4-5 تريليونات دولار بحلول عام 2030، ويمكن أن تولد فرص الأعمال الإيجابية للطبيعة في المنطقة حوالي 232 مليون وظيفة سنويًا بحلول عام 2030.

على الرغم من هذا الإمكان الهائل، تبرز مشكلتان أو حقائق غير مريحة. أولًا، يأتي الكثير من التمويل الذي يُصنف على أنه أخضر في شكل قروض للدول النامية، ويتم تقديمه بأسعار السوق. وهذا يجعله اقتراحًا غير ميسور التكلفة مع تدفق المزيد من الأموال إلى الدائنين. ثانيًا، تظل المهن الخضراء مجالًا غير مستكشَف ويشكل تحديًا للشباب.

على سبيل المثال، أعرب رواد الأعمال الاجتماعيون الشباب في فيتنام وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية عن قلقهم بشأن نقص أنظمة التعليم الشاملة التي تجهز الشباب بالمهارات الخضراء والرقمية ومهارات القرن الحادي والعشرين. ومن المقلق أنه في رابطة دول جنوب شرق آسيا “ASEAN”، فقط ثلاث دول من أصل عشر لديها سياسات مهمة بشأن تطوير المهارات للوظائف الخضراء.

لمواجهة هذه التحديات، من الضروري أن تعطي المنطقة الأولوية للاستثمارات التي تجلب حقًا علاوة خضراء بتكلفة منخفضة وتركز على المهارات الخضراء المستهدفة لفئة الشباب. في الوقت نفسه، فإن تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لضمان الاستثمارات المستدامة في القطاع الأخضر أمر بالغ الأهمية لضمان مسار النمو والاستدامة في المنطقة. يمكن للشراكات القوية أن تحفز مبادرات تطوير المهارات ذات التأثير الكبير، وتسهل فرص العمل الشاملة للشباب، وتدعم ظهور المؤسسات التي يقودها الشباب.

مبادرات آسيا والمحيط الهادئ هي منارات للتقدم

في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، تستفيد شبكة الجمعيات الطلابية البيئية “NESS” – وهي منظمة يقودها الشباب – من التعاون بين الأجيال والشراكات بين أصحاب المصلحة والشباب. بدعم من مبادرات مثل YECAP – وهي مبادرة مشتركة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “UNDP” ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “UNICEF” وشركاء آخرين – تعزز NESS وعي الشباب وقدراتهم في مجال التغير المناخي والاستدامة من خلال معرض الوظائف الخضراء، حيث يصل إلى أكثر من 150 شابًا وشابة كل عام.

وبالمثل، تحقق مبادرة مختبرات الحياة البيئية للشباب “YELL”، وهي تعاون بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “UNDP” ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “UNICEF” وأمانة لاستاري علام، تقدمًا كبيرًا، حيث دعمت حتى الآن 15 مشروعًا يقودها الشباب في جميع أنحاء ماليزيا. من خلال إشراك أكثر من 1.000 شاب وأعضاء المجتمع المحلي في المشاريع الخضراء وبناء المهارات، تعمل YELL على رعاية جيل جديد من القادة الواعين بيئيًا. ويُذكر أن برنامجها التجريبي لتوظيف الشباب، Conservocation، لا يقتصر على تعزيز المهن الخضراء فحسب، بل يعيد أيضًا ربط الشباب بالمعرفة المحلية والأصلية والتقليدية.

من خلال إعادة تصور مشاركة الشباب في العمل المناخي والبيئي، يمكننا إزالة الحواجز التي تمنع الشباب من قيادة العمل البيئي والوصول إلى فرص العمل اللائقة.

يجب إعطاء الأولوية لتمكين الشباب المهمشين، بما في ذلك الفتيات والشابات والشعوب الأصلية والأشخاص ذوي الإعاقة. هذا يجعل “الأخضر” أكثر عدالة وشمولية واستعدادًا للمستقبل كما ينبغي أن يكون.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum