كابلات تحت البحر للإنترنت العالمي | مركز سمت للدراسات

كابلات تحت البحر هي العمود الفقري الخفي للإنترنت العالمي

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 2 أبريل 2024

Robin Chataut

هل تساءلت يومًا كيف يصل البريد الإلكتروني المُرسَل من نيويورك إلى سيدني في ثوانٍ معدودة، أو كيف يمكنك إجراء محادثة فيديو مع شخص على الجانب الآخر من الكرة الأرضية دون تأخير يُذكر؟ خلف هذه المعجزات اليومية تكمن شبكة غير مرئية ومترامية الأطراف من الكابلات تحت البحر، تُغذي بهدوء الاتصالات العالمية الفورية التي أصبح الناس يعتمدون عليها.

الكابلات تحت البحر، المعروفة أيضًا باسم كابلات الاتصالات البحرية، هي كابلات الألياف البصرية الممدودة على قاع المحيط والمستخدمة لنقل البيانات بين القارات. هذه الكابلات هي العمود الفقري للإنترنت العالمي، حيث تحمل الجزء الأكبر من الاتصالات الدولية، بما في ذلك البريد الإلكتروني، وصفحات الويب، ومكالمات الفيديو. أكثر من 95% من جميع البيانات التي تتحرك حول العالم تمر عبر هذه الكابلات تحت البحر.

تستطيع هذه الكابلات نقل عدة تيرابايتات من البيانات في الثانية الواحدة، مما يوفر أسرع وأكثر الطرق موثوقية لنقل البيانات المتاحة اليوم. تيرابايت واحد في الثانية كافٍ لنقل حوالي اثني عشر فيلمًا ذا جودة 4K HD ومدته ساعتان في لحظة. كابل واحد فقط من هذه الكابلات يمكنه التعامل مع ملايين الأشخاص الذين يشاهدون الفيديوهات أو يرسلون الرسائل في آن واحد دون أن يتباطأ.

يوجد حوالي 485 كابلًا تحت البحر بإجمالي أكثر من 900 ألف ميل ممدودة على قاع المحيط. تمتد هذه الكابلات عبر المحيطين الأطلسي والهادئ، وكذلك عبر ممرات استراتيجية مثل قناة السويس ومناطق معزولة داخل المحيطات.

تمديد الكابلات تحت البحر

يحتوي كل كابل تحت البحر على عدة ألياف بصرية، وهي خيوط رفيعة من الزجاج أو البلاستيك تستخدم إشارات الضوء لنقل كميات هائلة من البيانات عبر مسافات طويلة مع خسارة ضئيلة. يتم تجميع الألياف وتغليفها بطبقات واقية مصممة لتحمل البيئة البحرية القاسية، بما في ذلك الضغط والتآكل والأضرار المحتملة من أنشطة الصيد أو مراسي السفن. عادةً ما تكون الكابلات بعرض خرطوم الحديقة.

تبدأ عملية تمديد الكابلات تحت البحر بإجراء مسح شامل لقاع البحر لرسم خريطة بهدف تجنب الأخطار الطبيعية وتقليل الأثر البيئي. بعد هذه الخطوة، تبحر سفن مد الكابلات المجهزة ببكرات ضخمة من كابلات الألياف البصرية عبر المسار المحدد مسبقًا.

مع تحرك السفينة، يتم فك الكابل من البكرة ووضعه بعناية على قاع المحيط. في بعض الأحيان، يتم دفن الكابل في رواسب قاع البحر بالمياه الضحلة لحمايته من أنشطة الصيد والمراسي والأحداث الطبيعية. في المناطق الأعمق، يتم وضع الكابلات مباشرةً على قاع البحر.

على طول المسار، يتم تركيب مكررات إشارة (repeaters) على فترات محددة لتضخيم الإشارة البصرية وضمان انتقال البيانات لمسافات طويلة دون تدهور. يمكن أن يستغرق هذا العملية بأكملها شهورًا أو حتى سنوات، اعتمادًا على طول مسار الكابل وتعقيده.

التهديدات التي تواجه الكابلات تحت البحر

يُقطع سنويًا ما يُقدر بـ100 إلى 150 كابلًا تحت البحر، وذلك بشكل رئيسي عن طريق الخطأ بواسطة معدات الصيد أو المراسي. ومع ذلك، فإن إمكانية التخريب، وخاصة من قبل الدول، تعتبر مصدر قلق متزايد. تلك الكابلات، الضرورية للاتصال العالمي والمملوكة من قبل تحالفات شركات الإنترنت والاتصالات، غالبًا ما تكون موجودة في مواقع معزولة، ولكن معروفة للعامة، مما يجعلها أهدافًا سهلة للأعمال العدائية.

تم تسليط الضوء على الضعف بسبب أعطال غير مفسرة في عدة كابلات قبالة ساحل غرب إفريقيا في 14 مارس 2024، مما أدى إلى اضطرابات كبيرة في الإنترنت أثرت على ما لا يقل عن 10 دول. وقد أثارت عدة أعطال في كابلات البحر البلطي في عام 2023 الشكوك حول وجود تخريب.

ظهر ممر البحر الأحمر الاستراتيجي كنقطة محورية للتهديدات التي تواجه الكابلات تحت البحر. وقد شمل حادث بارز الهجوم على سفينة الشحن روبيمار من قبل الحوثيين. لقد أدى الضرر اللاحق للكابلات تحت البحر من مرساة السفينة ليس فقط إلى تعطيل جزء كبير من حركة الإنترنت بين آسيا وأوروبا، ولكنه أيضًا سلط الضوء على التفاعل المعقد بين الصراعات الجيوسياسية وأمن البنية التحتية للإنترنت العالمي.

حماية الكابلات

تتم حماية الكابلات تحت البحر بعدة طرق، بدءًا بالتخطيط الاستراتيجي للمسار لتجنب المخاطر المعروفة ومناطق التوتر الجيوسياسي. يتم تصنيع الكابلات بمواد متينة، بما في ذلك الدروع الفولاذية، لتحمل الظروف القاسية للمحيط والتأثيرات العرضية.

إلى جانب هذه الإجراءات، اقترح الخبراء إنشاء “مناطق حماية الكابلات” للحد من الأنشطة عالية المخاطر بالقرب من الكابلات. وقد اقترح البعض تعديل القوانين الدولية المتعلقة بالكابلات لردع التخريب الأجنبي وتطوير معاهدات تجعل مثل هذا التدخل غير قانوني.

يُظهر الحادث الأخير في البحر الأحمر أن الحل لهذه التحديات التي تواجه الاتصال قد يأتي من الأعلى بدلاً من الأسفل. بعد تعرض الكابلات للخطر في المنطقة، استخدم مشغلو الأقمار الاصطناعية شبكاتهم لإعادة توجيه حركة الإنترنت. من المرجح أن تستمر الكابلات تحت البحر في حمل الغالبية العظمى من حركة الإنترنت في العالم في المستقبل المنظور، ولكن النهج المتكامل الذي يستخدم كلاً من الكابلات تحت البحر والأقمار الاصطناعية قد يوفر درجة من الحماية ضد قطع الكابلات.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر:The Conversation

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر