سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Femi Akinrebiyo
تتربع إفريقيا على ثروة تحسد عليها من المعادن الضرورية لتحول الطاقة النظيفة في العالم. النحاس والليثيوم والكوبالت والمنغنيز والمعادن الأرضية النادرة والجرافيت، وهي مكونات أساسية لبطاريات السيارات الكهربائية والتقنيات المتجددة وإزالة الكربون من العمليات الصناعية، متوفرة بكثرة في جميع أنحاء القارة.
وفي الوقت نفسه، تقدم التركيبة السكانية في إفريقيا ميزة لا مثيل لها: وهي عدد سكان مزدهر وشاب على وشك إعادة تشكيل القوى العاملة العالمية. من المتوقع أن يصل عدد سكان القارة إلى 2.5 مليار نسمة بحلول عام 2050، ارتفاعًا من 1.5 مليار نسمة اليوم، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد شبابها، وهو بالفعل الأكبر في العالم، إلى أكثر من 830 مليون نسمة. بحلول ذلك الوقت، سيمثل عدد السكان في سن العمل “15-64 عامًا” حوالي ربع القوى العاملة في العالم.
من الناحية النظرية، تمتلك إفريقيا الأسس الضرورية لتحقيق قفزة نحو مستقبل صناعي مستدام يمكن أن يتيح المزيد من الوظائف ذات الجودة العالية. إلا أن القارة لا تزال تصدر كميات كبيرة من المواد الخام بينما تستورد السلع النهائية بأسعار مرتفعة. لذا يجب التصدي لهذه المفارقة.
تحتاج إفريقيا إلى تجاوز استخراج الموارد
لكي تستحوذ إفريقيا على المزيد من القيمة من هباتها الطبيعية، يجب على الحكومات والشركات إعطاء الأولوية للسياسات والاستثمارات الصناعية التي تتجاوز استخراج الموارد.
من خلال تطوير الصناعات المحلية، لا سيما في سلاسل القيمة الخاصة بالتكنولوجيا الخضراء وتصنيع البطاريات، يمكن للشركات الإفريقية أن تضع نفسها كركائز أساسية للاقتصاد العالمي للطاقة النظيفة.
الإمكانات هائلة، حيث أفادت الوكالة الدولية للطاقة “IEA” بأن “الاستثمار العالمي في بطاريات السيارات الكهربائية قد ارتفع ثمانية أضعاف منذ عام 2018 وخمسة أضعاف لتخزين البطاريات، ليصل إلى إجمالي 150 مليار دولار في عام 2023”.
في تحليل عام 2022، توقعت McKinsey Battery Insights أن “سلسلة بطاريات الليثيوم أيون بأكملها، من التعدين إلى إعادة التدوير، يمكن أن تنمو بأكثر من 30% سنويًا من 2022 إلى 2030، عندما تصل قيمتها إلى أكثر من 400 مليار دولار”. يمكن لدور إفريقيا المستقبلي في هذا المجال أن يعيد تشكيل اقتصاداتها وينتشل الملايين من الفقر.
الانتقال من الاستخراج إلى التصنيع
في الوقت الحاضر، يتمثل وضع إفريقيا في كونها موردًا يغذي الشركات المصنعة البعيدة في آسيا وأوروبا والأميركتين. تغادر المواد الخام الموانئ الإفريقية وتعود كإلكترونيات وبطاريات وسيارات كهربائية باهظة الثمن.
لكن بعض البلدان مثل المغرب وجنوب إفريقيا ترسم مسارًا جديدًا. بدأت المغرب، مستفيدة من قربها من أوروبا، في جذب الاستثمارات الخضراء مثل مصنع GOTION High-Tech الضخم للبطاريات الذي تبلغ قيمته 6.4 مليار دولار. ويمثل هذا المشروع، الذي من المتوقع أن يخلق 25000 وظيفة، تحولًا نحو اندماج إفريقيا في التصنيع المتقدم.
لتكرار مثل هذه النجاحات، تحتاج الدول الإفريقية إلى سياسات هادفة تعزز القيمة المضافة المحلية والقدرة الصناعية. على سبيل المثال، فإن تحفيز مصانع المعالجة المحلية للمعادن مثل الليثيوم والنيكل سيمكن الشركات الإفريقية من الاستحواذ على جزء أكبر من سلسلة القيمة قبل التصدير.
تستكشف زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية “DRC”، في إطار مبادرة مشتركة، إنشاء مراكز إقليمية لإنتاج البطاريات، وهي فكرة يمكن أن تكتسب زخمًا بتمويل وشراكات استراتيجية.
الاستثمار والبنية التحتية هما مفتاح التوسع
ومع ذلك، فإن الطموحات الصناعية تستند إلى أساس البنية التحتية. ولا يزال العجز في البنية التحتية في إفريقيا، مثل شبكات الكهرباء وشبكات النقل والموانئ الموثوقة، يمثل حجر عثرة. وبدون كهرباء موثوقة، يتعثر التصنيع. ويفتقر ما يقرب من نصف سكان القارة إلى الكهرباء، وأولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إليها غالبًا ما يعانون من انقطاعات.
ومع ذلك، تقدم الطاقة المتجددة حلاً تحويليًا. وتشكل الطاقة الكهرومائية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا بالفعل العمود الفقري لإمدادات الطاقة المتواضعة لديهما. ويمكن للمشاريع مثل سد إنجا الكبير للطاقة الكهرومائية المؤجل منذ فترة طويلة على نهر الكونغو، إذا تم إحياؤه، أن يطلق العنان لـ40 جيجاواط من الكهرباء، وهو ما يكفي لتشغيل نمو صناعي واسع النطاق في جميع أنحاء المنطقة.
كما أن أنظمة الطاقة المتجددة الصغيرة واللامركزية تحمل وعدًا. فقد أصبحت تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة أرخص وأكثر قابلية للتطبيق، خاصة بالنسبة للمناطق الريفية.
إحدى المبادرات البارزة هي نموذج الشبكة الحضرية الذي طورته Nuru. وبدعم من مؤسسة التمويل الدولية، يهدف المشروع إلى توفير الكهرباء لـ5 ملايين شخص، مما يجعله أكبر نظام شبكة صغيرة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. من خلال تطبيق نموذج الشبكة الحضرية، تسعى المبادرة إلى توفير طاقة موثوقة للمجتمعات الحضرية في جميع أنحاء البلاد.
لكي تجتذب الدول الإفريقية الشركات المصنعة العالمية، يجب عليها ضمان إمدادات طاقة نظيفة وموثوقة مع تحسين الكفاءة اللوجستية.
مستقبل أكثر اخضرارًا وشمولية لإفريقيا
مع تطور ثورة الطاقة النظيفة، تتمتع إفريقيا بفرصة نادرة للتصنيع بطريقة تتجنب المزالق البيئية للتحولات الاقتصادية السابقة. فمن خلال إعطاء الأولوية للطاقة المتجددة وممارسات التعدين المستدامة والتقنيات الموفرة للطاقة، يمكن للدول الإفريقية بناء صناعات أنظف وأكثر تنافسية وشمولية اجتماعية.
يجب أن تركز الاستثمارات على المجتمعات المهمشة والنساء والشباب والمناطق الريفية، مما يضمن الوصول العادل إلى الوظائف والفرص. إن موارد إفريقيا الشاسعة وعدد سكانها الشباب وقدرتها على إنتاج الطاقة المتجددة، هي أصول يمكن أن تُسهم في بناء إفريقيا أقوى وأكثر حيوية.
يجب أن تسير الاستثمارات في التعدين جنبًا إلى جنب مع البنية التحتية المستدامة، مما يضمن وجود بنى تحتية مستدامة مناسبة لدعم احتياجات الصناعة، مثل الطاقة النظيفة وإمدادات المياه المسؤولة. وتحمل هذه الجهود أيضًا وعدًا كبيرًا بالتأثير الإيجابي على المنطقة والمجتمعات.
يمكن للتعدين المسؤول والمستدام أن يدفع النمو الاقتصادي طويل الأجل في البلدان المضيفة من خلال زيادة الصادرات وخلق فرص العمل. ومن خلال الاستحواذ على جزء أكبر من سلسلة قيمة الطاقة النظيفة بطريقة مستدامة، يمكن للقارة رفع مستويات المعيشة وتقليل عدم المساواة ورسم مسار نحو الاكتفاء الذاتي الاقتصادي. لقد حانت اللحظة لتغتنم إفريقيا دورها كلاعب حيوي في ثورة الطاقة النظيفة العالمية.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر