سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
علي قاسم
إذا كانت نظرية النشوء والارتقاء لعالم الطبيعة تشارلز داروين حول الاستعمال والإهمال وأثرها على تطور المخلوقات وانقراضها صحيحة.. لابد من التساؤل عن الكيفية التي سيؤثر فيها الاستعمال المكثف لأنظمة الذكاء الاصطناعي على مهاراتنا الذهنية والعقلية وعلى صحتنا الجسدية وقد أصبحنا نعتمد عليها في كل تفاصيل حياتنا.
ما يبدو اليوم سؤالا ساذجا أو في أحسن الأحوال مبكرا جدا، قد نكتشف قريبا كأفراد وحكومات أننا تأخرنا كثيرا في طرحه.
فقط المصابون برهاب التكنولوجيا بقوا بمنأى عن استعمال الذكاء الاصطناعي، ولا نحتاج إلى الكثير من الجهد لمعرفة أن 80 في المئة على الأقل من البشر غارقون في استعمال أنظمة الذكاء الاصطناعي واكتشاف مزاياه على مدار 24 ساعة يوميا.
طرحنا السؤال نفسه على أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل “كوبايلوت” الذي لم يخف رغم محاولته الالتزام بالحياد، قلقه من الآثار السلبية على الصحة الجسدية والعقلية للبشر.
وهناك بالتأكيد ما يدعو للقلق وحتى الخوف.
المخاطر الجسدية، على سوئها، تهون عند النظر في المخاطر على الصحة الذهنية والعقلية للبشر، والتي لم يستطع الذكاء الاصطناعي التستر عليها
ولكن، لنبدأ أولا الحديث عن الإيجابيات، وهنا يجب التنبيه إلى أننا لا نتحدث عن فوائد الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد والصناعة والبيئة، فهذه لا تعد ولا تحصى.. بل نتحدث عن فوائد الذكاء الاصطناعي على الصحة العقلية والذهينة للبشر وعلى بنيتهم الجسدية.
نبدأ بالجانب الجسدي ونتحدث أولا عن الفوائد، التي يمكن حصرها فقط في دور المدرب الشخصي الذي يمكن للذكاء الاصطناعي القيام به داخل قاعات الرياضة أو في المنزل، أو حتى في الطريق. وفي اختيار النظام الغذائي الخاص للحفاظ على صحتنا الجسدية.
هناك الكثير من التطبيقات، المجانية ومدفوعة الثمن التي يمكن استخدامها.
رغم ذلك المخاطر المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة في حالة الركون للكسل وعدم الحفاظ على نمط حياة نشط وصحي، تفوق بكثير الفوائد. وهذه يمكن تحديدها بأربعة جوانب أساسية:
● النشاط البدني: مع تزايد استخدام الروبوتات لأداء المهام الجسدية، قد يقل النشاط البدني للأشخاص، مما يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض مرتبطة بنمط الحياة مثل السمنة وأمراض القلب.
● المهارات الحركية: قد يؤدي الاعتماد على الأجهزة الذكية إلى التراجع في المهارات الحركية الدقيقة، حيث يتم استبدال الأعمال اليدوية بأجهزة آلية.
● التأثير النفسي: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يؤثر أيضًا على الصحة النفسية، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالعزلة أو فقدان الهوية الوظيفية.
● التكيف الفسيولوجي: قد يؤدي الاستخدام المكثف للتكنولوجيا إلى تغييرات في البنية الفسيولوجية للبشر، ويعرقل تطور العضلات والعظام.
المخاطر الجسدية، على سوئها، تهون عند النظر في المخاطر على الصحة الذهنية والعقلية للبشر، والتي لم يستطع الذكاء الاصطناعي التستر عليها.
وبعد استعراض سريع وخجول للفوائد التي يمكن حصرها بمساهمة الذكاء الاصطناعي في تنمية المهارات من خلال توفير أدوات تعليمية متقدمة توضع في خدمة المؤسسات التعليمية والأفراد، ومنها تحسين القدرة على حل المشكلات وتعزيز التفكير النقدي، حيث ينظر للذكاء الاصطناعي باعتباره أداة لتوليد أسئلة تعزز التفكير النقدي والإبداعي، يستعرض الذكاء الاصطناعي الجوانب السلبية والمخاوف المترتبة على دخوله حياتنا اليومية.
بالطبع لن نحتاج إلى الذكاء الاصطناعي ليشير لنا إلى مكامن الخطر، فهي كثيرة ومتفق عليها.
لا نحتاج إلى الكثير من الجهد لمعرفة أن 80 في المئة من البشر غارقون في استعمال أنظمة الذكاء الاصطناعي واكتشاف مزاياه على مدار الساعة
هناك مخاوف من أن يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تراجع المهارات الذهنية مثل الحساب أو القدرة على التذكر، نظرًا لأن الأدوات الذكية أصبحت تقوم بمهام كانت تتطلب جهدًا عقليًا من البشر.
وإذا كانت مشاكل التذكر والخرف في جزء كبير منها مرتبطة بالوراثة وبأسباب عضوية يسببها تراكم بروتينات غير طبيعية في الدماغ تعرف باسم الأميلويد، تؤدي إلى موت الخلايا، فإن للاستعمال والإهمال دورا كبيرا في الحفاظ على قدرتنا على التذكر، والدليل النصائح التي يقدما المشرفون على الصحة لمن ظهرت عليهم بوادر الخرف والنسيان، بضرورة القيام بألعاب ذهنية، وتشجيعهم على الاختلاط بالناس وتجنب العزلة.
لا يمكن الجزم أو النفي التام لإمكانية أن يحدث الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مستقبلا نفس الآثار السلبية التي يتسبب بها بروتين الأميلويد، وتشمل صعوبة تذكر الأحداث الأخيرة وتكرار نفس الأسئلة، وتغيرات سلوكية وتقلبات مزاجية وانسحاب اجتماعي وتغيرات في الشخصية، إلى جانب صعوبات في التفكير ومشاكل في التركيز، خاصةً فيما يتعلق بالمفاهيم المجردة مثل الأرقام، وفقدان الإحساس بالوقت.
هذا الجانب المظلم لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن تجنبه، بالتركيز على أهمية التكامل بين الذكاء الاصطناعي والقدرات البشرية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل كمكمل للمهارات البشرية بدلاً من استبدالها.
في النهاية يقول كوبايلوت، يتوقف تأثير الذكاء الاصطناعي على المهارات الذهنية والعقلية للبشر على كيفية استخدامه ودمجه في الأنشطة اليومية والتعليمية.. من المهم تطوير إستراتيجيات تعليمية تستفيد من مزايا الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على تطوير المهارات العقلية الأساسية للأفراد.
وإذا كان الكسل عسل كما يقال، فهو في عصر الذكاء الاصطناعي عسل مرّ بالتأكيد.
المصدر: العرب
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر