قال رجل الأعمال إيلون ماسك، مؤخراً إن عدد الروبوتات سيتجاوز عدد البشر في عام 2040، وبالطبع تمتلك معظم هذه الروبوتات الدول الصناعية الغنية: الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية وألمانيا، أي أننا إذا اعتبرنا تلك الآلات قوة ما، فإنها تدور في فلك الدول المهيمنة في العالم، هذا إضافة إلى توقعات بأن تشارك هذه الروبوتات في الحروب والأنشطة العسكرية في المستقبل، وربما نستيقظ لنجد أنفسنا أمام سباق تسلح “روبوتي” يعم الأرض في القريب العاجل.
لا تتجاوز قصة الروبوتات أكثر من مئة عام، فقد ذكر هذا المصطلح “روبوت” الكاتب المسرحي التشيكي كارل تشابك في عام 1921، وفي عام 1942 أصدر الكاتب الروسي أسحاق عظيموف، مجموعة قصصية بعنوان “أنا إنسان آلي”، وضع فيها قوانين الروبوت الثلاثة: لا يجوز لروبوت أن يؤذي إنساناً، يجب أن يمتثل الروبوت لأوامر الإنسان، وينبغي أن يدافع الروبوت عن وجوده بما لا يتعارض مع القانونين الأولين. هذه القوانين كانت الثيمة الأساسية التي لعبت عليها أفلام هوليوود في ما بعد، ودارت حولها نقاشات عديدة تسللت إلى مختلف مفاصل الثقافة الغربية كافة، ولم تمر عقود قليلة حتى رأينا الروبوت في كل مكان، وقرأنا حوارات حول التشريعات التي يجب وضعها للتعامل معه، ومن يتحدث عن دوره الأساسي في قوة العمل، ما يؤثر في الاقتصاد ويضر بقطاعات واسعة من السكان. وصاحبت ذلك أحاديث مماثلة عن الذكاء الاصطناعي، والإنسان الأعلى أو المتفوق أو الذي يجمع بين البشر والروبوت “السايبورغ”، هو الخيال منفلتاً من عقاله والذي أصبح حقيقة ملموسة.
منذ عدة عقود كانت مكونات الصورة السابقة خاصة بكتاب الخيال العلمي، وبمجلات “الكوميكس” الهزلية، وبالأفلام السينمائية التجارية، كان المفكر أو المثقف الجاد يعتبرها أقرب إلى الحكايات المسلية أو الأساطير، لكنها كانت نتاج مرحلة متقدمة جداً من الرأسمالية فائقة الحداثة، تلك التي سارت في حلقات مترابطة ومتصاعدة تؤدي كل منها إلى الأخرى، فبعد مرحلة الكشوف الجغرافية ونهب ثروات العالم واستعباد شعوب بأكملها، جاءت مرحلة المصنع والعمل الكثيف وبؤس العمال أعقبتها مرحلة الاستعمار، ولم يتوقف الطموح الرأسمالي عند ذلك، بل امتد ففرض نمطاً اقتصادياً وثقافياً واحداً في العولمة، والآن نحن على أعتاب مرحلة ما بعد الإنسان، وهناك بالفعل تيارات تتحدث عن تلك المرحلة.
ما يلفت الانتباه في روح الثقافة الغربية أنها طبقية حتى النخاع، فبعد أن بدا من الظاهر أن البشر تحرروا وأن هناك منظومة ما لحقوق الإنسان، اتجهت الثقافة إلى محاولة خلق الروبوت، ليحل مكان العمال أو الطبقات الأدنى، لكن إلى أي مدى سينجح الوضع أو يستمر؟ في روايتين من كلاسيكيات القرن التاسع عشر، هناك سيناريو كابوسي، ففي رواية “فرانكنشتاين” لماري شيلي يقتل الوحش صانعه الطبيب، وفي “جزيرة الدكتور مورو” لهربرت جورج ويلز، تتمرد الحيوانات على العالم الذي أفنى عمره في محاولة أن يهبها بعض العقل لكي تصلح لخدمته، وهو سيناريو ليس بعيداً عن عالم تتخطى فيه أعداد الروبوتات البشر.
المصدر: الخليج