روبرت مردوخ ينهي مسيرته الإعلامية: ماذا بعد؟ | مركز سمت للدراسات

روبرت مردوخ ينهي مسيرته الإعلامية: ماذا بعد؟

التاريخ والوقت : السبت, 14 أكتوبر 2023

عبير خالد

أخيرًا، تنحى قطب الإعلام “روبرت مردوخ”، عن منصب رئيس مجلس إدارة مجموعتي “فوكس كورب” و”نيوز كورب”، لينهي مسيرة إعلامية تجاوزت سبعة عقود أسس خلالها إمبراطورية إعلامية امتدت من أستراليا إلى الولايات المتحدة مرورًا بدول المنطقة.

وجاء قرار “روبرت مردوخ” رئيس إمبراطورية “فوكس”، التي تملك قناتها الإخبارية “فوكس نيوز” جماهيرية كبيرة لدى المحافظين الأميركيين والغربيين عمومًا، حيث قد يكون لقرار التنحي تبعات أخرى، ولاسيما أن الإعلان جاء قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2024. بهذه المناسبة المهمة، نلقي نظرة عامة وسريعة على هذا الإمبراطور الإعلامي، الذي استطاع وببراعة ابتلاع منافسيه والتكيف مع كل المتغيرات التي طرأت على الصناعة الإعلامية.

بدأ روبرت مردوخ حياته المهنية، عندما كان في 22 من عمره، إذ كان مجرد شاب يطمح إلى استعادة حصة عائلته في قطاع الأخبار الأسترالي بعد أن ورث عن والده صحيفة في مدينة أديلايد الصغيرة، ويخطط لمنافسة وسائل الإعلام الدولية. كان والده السير كيث مردوخ مراسلًا معروفًا وعضوًا مؤسسًا لجمعية الصحفيين الأستراليين. بعد وفاة والده، واجه روبرت مردوخ تحديات مالية لتأسيس هذه الإمبراطورية الإعلامية واضطر إلى شراء صحف وتغيير سياستها التحريرية لجذب الجماهير عبر استخدام عنوانين تسويقية ومثيرة.

وبحلول ثلاثينيات القرن العشرين، كان قد استحوذ مردوخ على سلسلة من الصحف ومحطات الراديو، مما جعل من نفسه صوتًا قويًا لليمين السياسي في عدد من الدول الغربية. وعلى لسان العاملين معه. كان روبرت مردوخ معروفًا بأنه يعيد تصميم الصفحات شخصيًا عندما يرى ذلك مناسبًا، على الرغم من ادعائه أن محرريه يحتفظون بقدر كبير من الحرية.

بحلول عام 1964، كان يمتلك روبرت مردوخ صحفًا في كل ولاية وكان بصدد إطلاق أول صحيفة وطنية على الإطلاق في أستراليا، وكان يخطط أيضًا للانتقال إلى السوق الإعلامي في المملكة المتحدة، وهو أمر حاول والده القيام به لكنه فشل. في عام 1996، توسعت شركة News Corp لتشمل الصحافة التلفزيونية التي تعمل على مدار 24 ساعة مع إطلاق قناة Sky News Australia، التي تميزت بعروضها التي تعتمد على الرأي في أوقات الذروة.

واجهت القناة منذ فترة طويلة انتقادات؛ لبثها مقاطع منحازة سياسيًا أو مضللة، بما في ذلك النقاش حول ملف المناخ، والعنصرية وغيرهما. اليوم، أصبح “روبرت مردوخ” البالغ من العمر 92 عامًا، أنجح رجل أعمال أسترالي على المستوى الدولي، وقد عزز نجاحه سعيه الشجاع لكسب النفوذ. وكان أكثر ما يميز “روبرت مردوخ” قدرته على الجمع بين شغفه الإعلامي وتوظيفه للسلطة.

ولكن مع انتهاء مسيرته التي استمرت 70 عامًا، يظل تأثيره على سوق الإعلام حاضرًا. في كل الأسواق الإعلامية التي دخل فيها روبرت مردوخ، هناك حالة من الاحتكار أو شبه الاحتكار. فعلى سبيل المثال، أستراليا بصفتها نقطة البداية لروبرت مردوخ، فإن لديها واحدة من أكثر البيئات الإعلامية تركيزًا في العالم الغربي، حيث تملك شركة News Corp 60٪ من سوق الإعلام الأسترالي المطبوع، وواجهت بسبب ذلك انتقادات عديدة، إذ رفع اثنان من رؤساء الوزراء السابقين دعوات لتشكيل لجنة ملكية لدراسة تأثير مردوخ على الديمقراطية في أستراليا.

يقول البروفيسور تيم دواير، المتخصص وخبير الإعلام في جامعة سيدني: “إن تأثير روبرت مردوخ الدائم على المؤسسات الإعلامية، وثقافة الأخبار اليمينية، وملكية وسائل الإعلام، هو ما سيبقى بشكل دائم مسيطرًا على السوق الإعلامي وليس ما يحدث لروبرت وهو في الثانية والتسعين من عمره على المستوى الشخصي”.

ورغم جميع ما سبق، فهناك ميل للتعامل مع صحافة مردوخ وكأنها منزهة بسبب ملكيتها لروبرت لكونه أحد أباطرة الصحافة المشهورين الذين يعود تاريخهم إلى أجيال مضت. إذ أكد البروفيسور تيم دواير أيضًا في تصريح لوسائل إعلام أجنبية: “أن مؤسسات مردوخ الإعلامية لها علامة تجارية تركز على وجهات نظر يمينية متشددة أحيانًا، ولكنه نظام إخباري اعتاده الناس هنا”.

استقال مردوخ وأنهى مسيرته الإعلامية، ولكن هناك أثر تركه ما زال باقيًا، وهذا الأثر يتمثل أولًا في استحواذاته وهيمنته على سوق الإعلام، وثانيًا علاقاته ونفوذه السياسي؛ إذ إن علاقات مردوخ الوثيقة مع بعض الشخصيات السياسية الأكثر تأثيرًا في القرن الحادي والعشرين ما زالت حاضرة وقوية، سواء مع الجانب الأميركي أو البريطاني وغيرهما.

 

* كاتبة سعودية

AbeerKhalid95@

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر