خمسة اتجاهات تقود إرهاب المستقبل | مركز سمت للدراسات

خمسة اتجاهات تقود إرهاب المستقبل

التاريخ والوقت : الخميس, 15 سبتمبر 2022

كولين كلارك

 

دفعت عمليات إطلاق النار العشوائية التي تزايدت مؤخراً كولين كلارك، الباحث في الشؤون الأمنية إلى دراسة التغيرات التي طرأت على الدوافع وراء العمليات الإرهابية. كتب كلارك في موقع معهد أبحاث السياسات الخارجية مقالاً يستعرض فيه خمسة من الاتجاهات التي يرى أنها ستقود الإرهاب في المستقبل القريب.

يرى كلارك أن عمليات إطلاق النار العنصرية تعطي مثالاً واضحاً على زيادة تنوع الأيديولوجيات الإرهابية في العقود الأخيرة، حيث أصبحت هذه الهجمات أكثر لامركزية، وتم استغلال الديمقراطية لتنفيذ هذه الهجمات من خلال التكنولوجيا الحديثة، وتم تأجيج الكراهية عن طريق المعلومات المضللة، وهذا ما جعل مثل هذه العمليات الإرهابية أكثر فتكاً.

ويقول الكاتب إن هذه الاتجاهات -التنوع، واللامركزية، واستغلال الديمقراطية، والمعلومات المضللة، والقدرة على الفتك- هي ما سيرسم الخطوط العريضة لمستقبل التطرف العنيف.

تعكس الهجمات العنصريةُ الأيديولوجياتِ المتنوعةَ التي تحفز الإرهاب والتطرف العنيف. وفيما كان التركيز في العقدين الماضيين يدور حول تخصيص الموارد لمحاربة السلفية الجهادية، وجماعات مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، كان مشهد الإرهاب أكثر تنوعاً بكثير.

كان الدافع وراء العديد من الهجمات الإرهابية يكمن في كراهية الأمريكيين الأفارقة، إلى جانب دوافع أخرى مثل كراهية المسلمين، ومعاداة السامية، وكراهية مجتمع المثليين. ولاشك في أن فهم الأيديولوجيات التي تحفز الإرهاب هو عامل أساسي في مكافحته، وما كان في الماضي تهديداً أحادي اللون صادراً من الجماعات السلفية الجهادية أصبح الآن مشهداً أكثر تنوعاً، مع وجود المتعصبين البيض، والنازيين الجدد، والمجموعات الفوضوية الغامضة.

ثانياً، تميزت الهجمات الإرهابية الأخيرة باللامركزية، حيث كان المهاجم يتصرف بمفرده من دون مساعدة أو دعمٍ خارجي. ومن الصعب جداً على وكالات تطبيق القانون اكتشاف الذئاب المنفردة، على الرغم من أن وصف “المنفردة” غير صحيح. فغالباً ما يأتي هؤلاء من نظام بيئي أوسع تحول إلى التطرف بعد تأثرهم بالدعاية المتطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي. كما أن حملات مكافحة المنظمات الإرهابية الكبيرة والقضاء على قياداتها دفعت فروعها الإقليمية إلى التحول نحو اللامركزية واعتماد مزيج من الأهداف المحلية والعالمية.

ثالثاً، استفاد الإرهاب من التوجهات الديمقراطية التي أسقطت الحواجز التي تحول دول الانخراط في الإرهاب بشكلٍ كبير في العقد الماضي، واليوم يمكن لأي شخص لديه هاتف ذكي والقدرة على امتلاك سلاح -بما في ذلك الأسلحة التي يصنعها بنفسه- أن يمارس الإرهاب في المجتمع.

فيما مضى كانت وسائل الإرهاب حكراً على مقاتلي حرب العصابات، وأصبحت الآن متاحة للملايين حول العالم، وسهَّلت تكنولوجيا الاتصالات المتطورة الاتصالات المشفرة، وإمكانية الحصول على سلاح، أو تعلُّم صنعه، وحتى تحديد المواقع بشكلٍ دقيق.

رابعاً، كان العديد من المهاجمين مدفوعين بالمعلومات المضللة، ونظريات المؤامرة. وقد انتشرت المعلومات المضللة بشكلٍ كبير مع قيام دول أجنبية بحملات تضليل تغذِّي الإرهاب المحلي في دولٍ أخرى. واليوم، تقوم روسيا والصين بتضخيم الروايات الخلافية، على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولةٍ لزرع المزيد من المعارضة داخل الولايات المتحدة، وترتبط العديد من هذه الروايات بالقضايا العرقية، وتعزِّز المنشورات المتعلقة بالحرب الأهلية، وأعمال الشغب المحلية.

خامساً، كان عدد ضحايا الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة في الفترة الممتدة بين عامي 1994 و2013 لا يتجاوز ثمانية أشخاص في العام -باستثناء السنوات الثلاث التي وقعت فيها هجمات أوكلاهوما سيتي، و11 سبتمبر، وهجوم فورت هود- بينما وصل متوسط عدد الضحايا بين عامي 2014 و2021 إلى واحدٍ وثلاثين شخصاً سنوياً. دائماً ما يسعى الإرهابيون إلى قتل أكبر عدد من الأشخاص لأن العمليات التي تخلِّف خسائر كبيرة تغذِّي القيمة الدعائية لعملياتهم وتجتذب تغطيةً إعلامية واسعة.

ثم ينبه كلارك إلى أنه بعد عقدين من الحرب العالمية على الإرهاب، بدأت الدول الغربية بتحويل تركيزها نحو منافسة القوى العظمى، وتضاءلت الميزانيات الكبيرة التي كانت مخصصة لمكافحة الإرهاب. ويرى كلارك أن منافسة القوى العظمى ومكافحة الإرهاب هما أمران لا ينبغي أن يستبعد أحدهما الآخر، بل إن تقارب الأمرين سيجعل مواجهتهما أكثر صعوبة، وربما سيؤدي الإرهاب الذي ترعاه الدول إلى صعود الجماعات الإرهابية المدفوعة بعوامل القومية أو العرقية أو الانفصالية.

ثم يخلص الكاتب إلى أنه عندما تتقارب هذه الاتجاهات الخمسة سوف تواجه عملية مكافحة الإرهاب تحدياتٍ كبيرة. والتفكير في الآثار المترتبة على بيئة تهديد إرهابية تغذيها هذه الاتجاهات يمكن أن يساعد في الاستجابة لقائمة من السيناريوهات المحتملة في المستقبل، وفي صياغة استجابات الحكومات وصانعي السياسات في الاستعداد للتصدي للتطور المستمر للإرهاب والتطرف العنيف والعنف السياسي.

المصدر: كيو بوست عن معهد أبحاث السياسة الخارجية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر