Sebastian Bonilla

أصبحت رؤية الألواح الشمسية المثبتة على الأسطح والمزارع الكبيرة للطاقة أمرًا شائعًا في العديد من المناطق حول العالم. حتى في المملكة المتحدة الرمادية والممطرة، أصبحت الطاقة الشمسية لاعبًا رئيسيًا في توليد الكهرباء.

يُعزى هذا الارتفاع في استخدام الطاقة الشمسية إلى تطورين رئيسيين: أولاً، يتعلم العلماء والمهندسون والعاملون في القطاع كيفية تصنيع الألواح الشمسية بأعداد هائلة، حيث تم تحسين كل مرحلة من مراحل التصنيع بدقة لضمان انخفاض التكلفة. وثانيًا، وهو الأهم، هو الزيادة المستمرة في كفاءة تحويل الطاقة في الألواح، مما يعكس مدى قدرة أشعة الشمس على التحول إلى كهرباء.

كلما زادت كفاءة الألواح الشمسية، انخفضت تكلفة الكهرباء. وقد يتساءل البعض: ما مدى كفاءة الطاقة الشمسية التي يمكن أن نتوقعها؟ وهل ستؤثر في فواتير الطاقة لدينا؟

تقوم الألواح الشمسية التجارية المتاحة حاليًا بتحويل حوالي 20-22% من ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية. ومع ذلك، أظهرت أبحاث جديدة نُشرت في مجلة (Nature) أن الألواح الشمسية المستقبلية قد تصل كفاءتها إلى 34% من خلال استغلال تقنية جديدة تُدعى خلايا الشمس المتوازية. وتُظهر الأبحاث كفاءة قياسية في تحويل الطاقة لخلايا الشمس المتوازية.

ما هي خلايا الشمس المتوازية؟

تُصنع خلايا الشمس التقليدية باستخدام مادة واحدة لامتصاص ضوء الشمس. وحاليًا، تُصنع جميع الألواح الشمسية تقريبًا من السيليكون، وهو نفس المادة المستخدمة في رقائق الكمبيوتر. بينما يُعتبر السيليكون مادة ناضجة وموثوقة، فإن كفاءته محدودة بحوالي 29%.

لتجاوز هذا الحد، اتجه العلماء إلى خلايا الشمس المتوازية، التي تكدس مادتين شمسيتين بعضهما فوق بعض لالتقاط المزيد من طاقة الشمس.

في الورقة البحثية الجديدة المنشورة في مجلة (Nature)، أبلغ فريق من الباحثين في عملاق الطاقة LONGi عن خلايا شمسية متوازية جديدة تجمع بين مواد السيليكون والبروفسكايت. وبفضل تحسين قدرتها على جمع ضوء الشمس، حققت خلايا البروفسكايت-سيليكون المتوازية كفاءة قياسية عالمية بلغت 33.89%.

تعتبر مواد البروفسكايت، التي تم اكتشافها منذ أقل من عقدين، المكمل المثالي لتكنولوجيا السيليكون المعروفة. ويكمن السر في قدرتها على ضبط امتصاص الضوء. ويمكن لمواد البروفسكايت التقاط الضوء الأزرق عالي الطاقة بشكل أكثر كفاءة من السيليكون.

بهذه الطريقة، يتم تجنب خسائر الطاقة وتزداد الكفاءة الإجمالية للخلايا المتوازية. وتم استخدام مواد أخرى، تُعرف بشبه الموصلات من النوع III-V، في الخلايا المتوازية وحققت كفاءات أعلى. والمشكلة هي أنها صعبة الإنتاج ومكلفة، لذا يمكن تصنيع خلايا شمسية صغيرة فقط بالجمع مع الضوء المركّز.

يبذل المجتمع العلمي جهودًا كبيرة في تطوير خلايا الشمس من نوع البروفسكايت، حيث حققوا تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. فقد ارتفعت كفاءة “الخلايا الفردية في المختبر” من 14% إلى 26% خلال فترة زمنية لم تتجاوز 10 سنوات. وتمثل هذه التطورات إمكانية دمجها في خلايا شمسية متوازية ذات كفاءة فائقة، مما يفتح آفاقًا جديدة لتوسيع تكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية لتلبية احتياجات العالم المتزايدة التي تصل إلى تريليونات واط، في إطار جهود إزالة الكربون من إنتاج الطاقة.

تكلفة الكهرباء الشمسية

يمكن للخلايا المتوازية الجديدة التي تحطم الأرقام القياسية أن تلتقط 60% إضافية من الطاقة الشمسية. ويعني هذا أن عدد الألواح اللازمة لإنتاج نفس القدر من الطاقة سيكون أقل، مما يقلل من تكاليف التركيب والمساحة المطلوبة للمزارع الشمسية “أو المساحة على الأسطح”.

كما يعني أن مشغلي محطات الطاقة سيحققون أرباحًا أعلى من توليد الطاقة الشمسية. ومع ذلك، بسبب الطريقة التي يتم بها تحديد أسعار الكهرباء في المملكة المتحدة، قد لا يلاحظ المستهلكون أي فرق في فواتير الكهرباء الخاصة بهم. والفرق الحقيقي يظهر عند النظر في تركيب الألواح الشمسية على الأسطح، حيث تكون المساحة محدودة ويجب استغلالها بشكل فعال.

يتم حساب سعر الطاقة الشمسية على الأسطح بناءً على قياسين رئيسيين: أولاً، التكلفة الإجمالية لتركيب الألواح الشمسية على السطح، وثانيًا، كمية الكهرباء التي ستولدها على مدار 25 عامًا من التشغيل. في حين أن تكلفة التركيب سهلة الحصول عليها، فإن الإيرادات الناتجة عن توليد الكهرباء الشمسية في المنزل تكون أكثر تعقيدًا قليلاً. ويمكنك توفير المال من خلال استخدام طاقة أقل من الشبكة، خاصة في الفترات التي تكون فيها التكلفة مرتفعة، ويمكنك أيضًا بيع بعض من فائض الكهرباء لديك إلى الشبكة.

ومع ذلك، سيقوم مشغلو الشبكة بدفع سعر منخفض جدًا لهذه الكهرباء، مما يجعل من الأفضل في بعض الأحيان استخدام بطارية لتخزين الطاقة لاستخدامها في الليل. وبالنظر إلى الاحتياجات المتوسطة لأسرة بريطانية نموذجية، قمت بحساب التوفير النقدي الذي يمكن أن يحققه المستهلكون من خلال استخدام الكهرباء الشمسية على الأسطح، اعتمادًا على كفاءة الألواح.

إذا استطعنا تحسين كفاءة الألواح من 22% إلى 34% دون زيادة تكلفة التركيب، فسيرتفع التوفير في فواتير الكهرباء من 558 جنيهًا إسترلينيًا سنويًا إلى 709 جنيهات إسترلينية سنويًا. وهذا يعني زيادة بنسبة 27% في التوفير النقدي، مما يجعل الأسطح الشمسية جذابة للغاية، حتى في بريطانيا الرمادية والمليئة بالغيوم.

متى يمكننا شراء هذه الألواح الشمسية الجديدة؟

بينما تستمر الأبحاث، تُبذل جهود كبيرة لتوسيع هذه التكنولوجيا وضمان استدامتها على المدى الطويل. تُصنع خلايا الشمس المتوازية التي تحقق أرقامًا قياسية في المختبرات، وهي أصغر من طابع بريد. ومع ذلك، لا يزال تحويل هذه الكفاءة العالية إلى وحدات بمساحة متر مربع يمثل تحديًا كبيرًا.

ومع ذلك، نحن نحقق تقدمًا. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت شركة Oxford PV، وهي مصنع للطاقة الشمسية في طليعة تكنولوجيا البروفسكايت، عن أول بيع لألواحها الشمسية المتوازية المطورة حديثًا. لقد تمكنت بنجاح من مواجهة تحديات دمج مادتين شمسيتين وصنع ألواح متينة وموثوقة. رغم أنها لا تزال بعيدة عن كفاءات 34%، فإن عملها يظهر طريقًا واعدًا لخلايا الشمس من الجيل القادم.

اعتبار آخر هو استدامة المواد المستخدمة في الألواح الشمسية المتوازية. إذ يمكن أن يكون استخراج ومعالجة بعض المعادن في الألواح الشمسية مكلفًا من حيث الطاقة. بالإضافة إلى السيليكون، تتطلب خلايا الشمس البروفسكايت عناصر مثل الرصاص والكربون واليود والبروم كمواد أساسية لتعمل بشكل صحيح. كما أن ربط البروفسكايت بالسيليكون يتطلب مواد نادرة تحتوي على عنصر يُدعى الإنديوم، لذا لا يزال هناك الكثير من البحث المطلوب لمعالجة هذه الصعوبات.

رغم التحديات، يظل المجتمع العلمي والصناعي ملتزمًا بتطوير أجهزة الطاقة الشمسية المتوازية التي يمكن دمجها في أي شيء تقريبًا، مثل: السيارات والمباني والطائرات.

تشير التطورات الأخيرة في خلايا الشمس المتوازية من السيليكون والبروفسكايت عالية الكفاءة إلى مستقبل واعد للطاقة الشمسية، مما يضمن أن تظل الطاقة الشمسية عنصرًا رئيسيًا في التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: THE CONVERSATION