سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
الأمير فيصل بن فرحان
في مواجهة المأساة المستمرة في غزة، من الضروري أن ندرك الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار. يجب أن تنتهي دورة العنف المتواصلة. إن شن الحرب هناك بينما تنحدر المنطقة إلى حلقة تصعيدية خطيرة أمر سهل. وخفض التصعيد وإيجاد الطريق نحو السلام الدائم وسط الخراب واليأس يتطلب الشجاعة والقيادة.
لقد حان الوقت للانطلاق على طريق لا رجعة فيه نحو الحل، وهو الطريق الذي ينتهي بحل الدولتين فلسطينية وإسرائيلية مستقلتين تعيشان جنبًا إلى جنب.
إن السعودية ملتزمة منذ فترة طويلة بالسعي إلى حل عادل لهذا الصراع. وقد أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مؤخرًا، التزامنا بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة. وأكد أن القضية الفلسطينية في طليعة اهتمامات (السعودية)، وتدين بشدة جرائم إسرائيل وتجاهلها للقانون الدولي. ستعمل السعودية بلا كلل من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ولن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون هذا الشرط. إن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة هو الذي سيحقق النتائج التي نسعى إليها، وهي الاستقرار الإقليمي والتكامل والازدهار.
إن حل الدولتين هو الحل الوحيد القابل للتطبيق لضمان أمن فلسطين وإسرائيل والمنطقة على المدى الطويل. إن التصعيدات غير المنضبطة هي اللبنات الأساسية لحرب أوسع نطاقًا. وفي لبنان، نشهد هذا بأنفسنا الآن. لا يمكن بناء السلام على أساس الاحتلال والاستياء مثل ما تفعل إسرائيل؛ فالأمن الحقيقي لإسرائيل سيأتي من الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومن خلال تبني حل يسمح للشعبين بالتعايش في سلام، يمكننا تفكيك العنف الذي حدث بين الجانبين لفترة طويلة للغاية.
ومن الضروري أن ندرك أن العقبات الحقيقية أمام السلام ليست الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يتوقون إلى الاستقرار والتعايش، بل المتطرفون ومحبو الحرب على الجانبين الذين يرفضون الحل العادل، ويسعون إلى نشر هذا الصراع في مختلف أنحاء منطقتنا وخارجها. ولا ينبغي لهؤلاء المتطرفين أن يملوا مستقبل شعوبنا أو يفرضوا الحرب عليها. ولا بدَّ أن ترتفع أصوات الاعتدال فوق ضجيج الصراع.
وعلى العكس من ذلك، فقد أصبح من الواضح منذ فترة طويلة أن الدفاع عن النفس ليس الهدف الأساسي لإسرائيل في هذه الحرب. وبدلًا من ذلك، يبدو أن الهدف هو القضاء على الظروف اللازمة للحياة بأي قدر من الكرامة لعقود قادمة للشعب الفلسطيني ومن خلال مواصلة الهجوم على غزة الذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص منذ أكتوبر الماضي وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، ونزوح ما يقرب من مليوني شخص، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وفرض القيود على الحركة. في الحقيقة، تخلق إسرائيل واقعًا يقلل من احتمالات قيام دولة فلسطينية ذات سيادة. إن تعنتها لا يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات وتضعيف الثقة، مما يجعل المفاوضات الدبلوماسية صعبة على نحو متزايد، ويطيل معاناة الجانبين ويدفع المنطقة إلى الاقتراب من حرب أوسع نطاقًا.
إن تقرير المصير كدولة مستقلة حق غير قابل للنقاش ويستحقه الشعب الفلسطيني، ويحق له أن يتمتع به. وقد عمل دبلوماسيونا السعوديون بلا كلل إلى جانب الحلفاء لضمان الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة على مستوى العالم. وأحث الدول التي أعربت سرًا عن استعدادها للقيام بذلك على اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة علنًا. والآن هو الوقت المناسب للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ.
ولكن مجرد الاعتراف بفلسطين ليس كافيًا. بل يتعين علينا أن نطالب بمزيد من المساءلة بما يتماشى مع آراء محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، وهذا يشمل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وفرض تدابير عقابية ضد أولئك الذين يعملون على تقويض وتضعيف الدولة الفلسطينية، وتقديم الحوافز للذين يدعمون الفلسطينيين.
إن التحالف العالمي من أعضاء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية يدعم الآن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النار الدائم في فلسطين، والإفراج عن الرهائن والمعتقلين، ومعالجة المعاناة الإنسانية لسكان غزة. وسوف يسعى هذا التحالف إلى تعزيز التدابير الملموسة لدعم القانون الدولي، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حل الدولتين في إطار جدول زمني واضح. إن الدولة الفلسطينية شرط أساسي للسلام، وليس مجرد نتيجة ثانوية له. وهذا هو المسار الوحيد الذي يمكن أن يقودنا إلى الخروج من دائرة العنف هذه، وإلى مستقبل حيث يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين العيش في سلام وأمن واحترام متبادل. دعونا لا نؤجل الأمر أكثر من ذلك.
وزير الخارجية السعودي
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر