تكنولوجيا الأقمار الصناعية تُحدث تحولًا جذريًا في مستقبل السلامة المرورية | مركز سمت للدراسات

تكنولوجيا الأقمار الصناعية تُحدث تحولًا جذريًا في مستقبل السلامة المرورية

التاريخ والوقت : الإثنين, 17 مارس 2025

Olga Gonzalez, Michael Vardi

على الرغم من التقدم التكنولوجي الهائل في كل من السيارات والسلامة المرورية، تُشير منظمة الصحة العالمية إلى أن حوادث الطرق تُودي بحياة حوالي 1.19 مليون شخص سنويًا. لم تكن الحاجة إلى حلول مبتكرة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. واستجابةً لذلك، تهدف مبادرات مثل “رؤية صفر” إلى القضاء على الوفيات المرتبطة بحركة المرور على الطرق في جميع أنحاء العالم.

في حين أن تدابير السلامة المرورية التقليدية مثل إشارات المرور “حتى الأنواع الذكية منها” قد أدَّت دورها في جهود السلامة العالمية، فإنها لم تعد كافية. وهنا يأتي دور تكنولوجيا السلامة المرورية القائمة على الأقمار الصناعية، وهو نهج يُغير قواعد اللعبة ويعيد تشكيل كيفية رصدنا وإدارتنا وتخفيفنا لمخاطر الطرق، مع مراقبة حركة المرور والحوادث من ارتفاع 2000 كيلومتر فوقنا في مدار الأرض المتوسط.

مع ظهور منصات إدارة حركة المرور واكتشاف الحوادث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مؤخرًا، كانت هناك سلسلة غنية من التطورات المبتكرة التي تُمارس دورًا مهمًا في تقليل عدد القتلى والجرحى بصورة خطيرة على شبكات الطرق لدينا. ولكن الآن، يتم الارتقاء بالسلامة المرورية إلى آفاق جديدة، حرفيًا. ويعتقد بعض الخبراء أن هذا هو أكبر تحسن في السلامة المرورية منذ اختراع حزام الأمان.

تطور تكنولوجيا السلامة المرورية

لعقود من الزمن، اعتمدت السلامة المرورية على تدابير رد الفعل، مثل: تحليل المناطق المعرضة للحوادث، ونشر دوريات الشرطة، واستخدام مراقبة كاميرات المراقبة التلفزيونية المغلقة. لكن هذه الأساليب لها قيود، فهي تعتمد على البنية التحتية على مستوى الأرض، ولا يمكنها توفير إشراف فوري في كل مكان، وغالبًا ما تقدم رؤى فقط بعد وقوع حادث.

تُغير تكنولوجيا الأقمار الصناعية المعادلة. فمن خلال الاستفادة من البيانات الجغرافية المكانية والتصوير المتقدم والاتصال في الوقت الفعلي، يمكننا الآن اتباع نهج استباقي للسلامة المرورية. وبدلًا من انتظار وقوع الحوادث، يمكننا التنبؤ بالمخاطر ومنعها وتخفيفها وإدارتها بشكل أكثر فعالية من أي وقت مضى.

يستكشف برنامج تطبيقات الأعمال وحلول الفضاء “BASS” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية إمكانيات استخدام تقنيات الفضاء. وستدعم شركة فاليران، وهي شركة متخصصة في حلول إدارة حركة المرور المتقدمة، تطوير منصة لمراقبة حركة المرور واكتشاف الحوادث مدعومة بالذكاء الاصطناعي وبيانات الأقمار الصناعية، ومُصممة لتعزيز سلامة وكفاءة شبكة الطرق على الصعيد الوطني.

تتوافق هذه المبادرة مع هدف برنامج تطبيقات الأعمال وحلول الفضاء “BASS” المتمثل في دعم إنشاء خدمات مُبتكرة تستفيد من تكنولوجيا الفضاء والبيانات في الأسواق الرئيسية، مثل النقل. كما أنها تتوافق مع أهداف استراتيجية البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي من أجل إدارة ممرات دولية سلسة ومستدامة وصديقة للبيئة.

سيوفر هذا العرض التحويلي الجديد إمكانيات حاسمة لإدارة شبكات الطرق على المستوى الوطني. وتشمل هذه التغطية الشاملة المُتفوقة رصد حركة المرور وأصول الطرق، وإدارة المخاطر، وتحسين إدارة الحوادث وتحديد أولوياتها، مع توسيع نطاق إمكانيات رصد حركة المرور في الوقت الفعلي لتشمل الطرق الريفية التي تفتقر إلى الخدمات والتي غالبًا ما تفتقر إلى أنظمة المراقبة المتقدمة. في عام 2019، قُتل 931 شخصًا على شبكة الطرق الريفية في بريطانيا، مقارنة بـ100 شخص على الطرق السريعة، مما يُسلّط الضوء على الحاجة إلى التركيز على فئات الطرق المختلفة.

يُعد الاستثمار في رصد حركة المرور في الوقت الفعلي للمناطق الريفية وللطرق السريعة مُهمًا بنفس القدر؛ لأنه يُمكن أن يُحسن بشكل كبير من السلامة والكفاءة وأوقات الاستجابة للطوارئ. وستؤدي معلومات تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية المُستمدة من تطبيقات الملاحة المتنقلة والخاصة بالمركبات دورًا رئيسيًا في تمكين هذه القدرات.

كيف تجعل الأقمار الصناعية الطرق أكثر أمانًا؟

رصد حركة المرور واكتشاف المخاطر في الوقت الفعلي: يمكن لصور الأقمار الصناعية عالية الدقة، جنبًا إلى جنب مع التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، اكتشاف أنماط الازدحام، ومراقبة النقاط الساخنة للحوادث، وتحديد مخاطر الطرق مثل الانهيارات الأرضية أو الفيضانات أو البنية التحتية المتضررة. يمكن للحكومات ومراكز إدارة حركة المرور استخدام هذه البيانات لإصدار تحذيرات مُبكرة، وضبط تدفقات حركة المرور، ومنع الكوارث المحتملة قبل وقوعها.

تحسين الملاحة ومساعدة السائق: لقد أحدثت تقنية GPS بالفعل ثورة في الملاحة. ولكن الآن، مع التقدم في اتصال الأقمار الصناعية، ندخل حقبة جديدة من سلامة المركبات. إن التوجيه الدقيق للمسارات، والتنبيهات في الوقت الفعلي بشأن المخاطر، وتعديلات المسار الديناميكية كلها ممكنة بفضل الأقمار الصناعية، مما يقلل من فرص الخطأ البشري، وهو سبب رئيسي للحوادث.

تحسين الاستجابة للطوارئ: في حالة وقوع حادث، كل ثانية مهمة. تُمكن تكنولوجيا الأقمار الصناعية مُستجيبي الطوارئ من تحديد مواقع الحوادث بدقة بالغة، حتى في المناطق النائية. ومع أنظمة القياس عن بُعد للسيارات المُتكاملة، يُمكن إرسال إشارات استغاثة تلقائية إلى خدمات الطوارئ، مما يضمن أوقات استجابة أسرع، وربَّما إنقاذ الأرواح.

البنية التحتية الذكية والصيانة التنبؤية: تحدث العديد من حوادث الطرق بسبب البنية التحتية السيئة، مثل الحفر أو التقاطعات سيئة التصميم. يُمكن للأقمار الصناعية توفير مراقبة مُستمرة للطرق، واكتشاف الآكل والتمزق قبل وقت طويل من أن يُصبح مشكلة سلامة حرجة. يسمح هذا بالصيانة التنبؤية، مما يقلل من المخاطر ويُحسن إنفاق الحكومة على الإصلاحات.

المركبات ذاتية القيادة والطريق إلى انعدام الوفيات: مستقبل السلامة المرورية هو القيادة الذاتية. فالسيارات ذاتية القيادة تعتمد بشكل كبير على بيانات الأقمار الصناعية من أجل تحديد المواقع بدقة، والتحديثات في الوقت الفعلي، والتواصل السلس مع البنية التحتية الذكية. ومع تقدم هذه التقنيات، نقترب من عالم يتم فيه القضاء على الخطأ البشري، المسؤول عن 94% من الحوادث، وتُصبح وفيات الطرق شيئًا من الماضي.

التغلب على التحديات واحتضان المستقبل

لا تخلو السلامة المرورية القائمة على الأقمار الصناعية من التحديات. وتُعد أمن البيانات ومخاوف الخصوصية والحاجة إلى اعتماد واسع النطاق، قضايا صحيحة يجب معالجتها. ومع ذلك، فإن الفوائد تفوق بكثير العقبات المحتملة.

يجب على الحكومات ومُقدمي التكنولوجيا ووكالات النقل، سواء كانت مُركزة على السطح أو الفضاء، التعاون من أجل تسخير الإمكانات الكاملة للسلامة المرورية القائمة على الأقمار الصناعية. ستُمهد الاستثمارات في التحليلات الجغرافية المكانية والاتصال في الوقت الفعلي واتخاذ القرارات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي الطريق أمام طرق أكثر ذكاءً وأمانًا في جميع أنحاء العالم.

لم تعد السلامة المرورية تتعلق فقط بالتحذيرات في الوقت المناسب على لافتات الرسائل المتغيرة، بل تتعلق بتسخير قوة تكنولوجيا الفضاء لحماية الأرواح على الأرض. ومن المُقرر أن تُصبح تكنولوجيا الأقمار الصناعية هي الحارس النهائي لطرقنا، حيث تُوفر معلومات استخباراتية في الوقت الفعلي ورؤى تنبؤية وابتكارات مُنقذة للحياة.

لم يعد السؤال يدور حول ما إذا كان ينبغي لنا تبني تكنولوجيا السلامة المرورية المعتمدة على الأقمار الصناعية، بل حول مدى سرعة توسيع نطاق استخدامها لإنقاذ الأرواح. فمستقبل النقل يعتمد على هذه الخطوة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

[mc4wp_form id="5449"]

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر