Eleonore Pauwels, Steven Vosloo

في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، قد تصبح تقنية الأعصاب، والأساليب والأجهزة التي تهدف إلى مراقبة وتعديل وظائف الدماغ والجهاز العصبي، شائعة لبعض أطفال الجيل القادم.

إن تداخل هذه التقنية مع الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا النانوية وغيرها من التقنيات يؤدي بسرعة إلى تحول في مجال تقنية الأعصاب، مؤثرًا على جوانب متعددة بدءًا من الصحة والبحث السريري وصولًا إلى التطبيقات التجارية التي تدعي تحسين العافية والأداء المعرفي.

بينما توجد فوائد حالية ومحتملة، قد تترتب مخاطر غير مسبوقة وغير متوقعة للأطفال الذين يستخدمون تقنيات الأعصاب، بما في ذلك تأثيرها على نموهم الطبيعي وخصوصيتهم العقلية واستقلاليتهم. وستؤثر هذه التقنيات، سواء بصورة إيجابية أو سلبية، على حياة الأفراد بشكل مستمر. لذا، فإنها تتطلب اعتبارات دقيقة وإدارة استباقية.

فوائد تقنية الأعصاب
تقدم تقنيات الأعصاب فوائد كبيرة في تعزيز صحة الأطفال، مثل: الكشف والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل لاضطرابات الدماغ والجهاز العصبي. ومع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، من المتوقع أن يكون تأثيرها أكبر بكثير.

في المستقبل، قد توفر تقنيات الأعصاب علاجات مخصصة للاضطرابات العصبية، حيث يمكن أن تسهم واجهات الدماغ – الكمبيوتر في مساعدة الأطفال الذين يعانون من إعاقات حركية شديدة، على سبيل المثال. كما قد تمتد الفوائد لتشمل الآباء ومقدمي الرعاية، مما يؤدي إلى تأثيرات إيجابية على الأطفال الذين يتولون رعايتهم.

في مجال إدارة العافية، يمكن أن تسهم تقنيات الأعصاب في الكشف المبكر عن حالات مثل الاكتئاب والقلق، وتمكن من استخدام تقنيات التغذية العصبية للتعامل مع التوتر. أما في التعليم، فيمكن دمجها مع خوارزميات التعلم الشخصية التي تتكيف مع الأنماط المعرفية الفريدة لكل طفل.

تنتشر تقنيات الأعصاب، مثل السماعات القابلة للارتداء أو الأشرطة الرأسية، بشكل متزايد من المجال الطبي إلى سوق المستهلكين. وتدعي بعض هذه الأجهزة، التي تستهدف الأطفال والشباب، أنها تعزز التركيز أو التعلم. وغالبًا ما تُصنف هذه المنتجات على أنها إلكترونية بدلاً من كونها أجهزة طبية، وليس جميعها تخضع للتدقيق اللازم لضمان سلامة الأطفال.

مخاطر تقنية الأعصاب
حتى مع الفوائد الموجودة في المجال الطبي اليوم، فإن استخدام تقنية الأعصاب مع الأطفال يحمل مخاطر وعدم يقين. وتشمل هذه المخاطر الفهم المحدود لتأثيراتها على الأطفال بسبب قلة الدراسات التي أجريت على الأطفال مقارنة بالبالغين، ونقص المراجعات طويلة الأمد حول كيفية تأثير التحفيز العصبي على صحة الأطفال مع مرور الوقت. بالنظر إلى المستقبل، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد المخاطر طويلة الأجل المحتملة لتقنية تحفيز الأعصاب على نمو وتطور الدماغ لدى الأطفال.

تثير تقنية الأعصاب، عند اقترانها بأدوات جمع البيانات الأخرى مثل الأجهزة القابلة للارتداء، مخاوف متزايدة بشأن التدخل المحتمل في النمو الجسدي والعقلي للأطفال. ويمكن أن تستخدم تقنيات المراقبة العصبية من قبل مجموعة متنوعة من الجهات، بدءًا من الدول وقوات الشرطة وصولاً إلى شركات التسويق والتأمين، وحتى المحتملين من مجرمي الإنترنت، لاستنتاج رؤى حول الحالات العقلية للأطفال، والتنبؤ بسلوكياتهم وصحتهم، ويمكن أن تُستخدم بشكل غير قانوني أو أخلاقي لاستغلال أو التلاعب بتجاربهم المعرفية والحسية.

في هذا المشهد الرقمي، بما في ذلك البيئات الغامرة، يمكن أن تخلق تقنيات الأعصاب طرقًا جديدة لفهم ما يحفز الجيل القادم على النقر، والشراء، والمحبة، والكراهية. وهناك عدة حقوق للأطفال معرضة لانتهاك، بما في ذلك الحق في الخصوصية؛ وحرية الفكر والضمير والدين، والوصول إلى مصادر متنوعة من المعلومات.

يحتاج الأطفال إلى اهتمام خاص
نظرًا لأن الطفولة تُعتبر مرحلة حاسمة في تطور الدماغ وتشكيل الهوية، فإن المخاطر المرتبطة بالتدخلات تكون مرتفعة بشكل خاص. وسيتفاوت فهم الأطفال لتقنيات الأعصاب وقدرتهم على إعطاء موافقة مستنيرة بناءً على أعمارهم ومراحل نموهم وقدراتهم المتطورة، مما يؤدي إلى اختلافات في مستوى الحماية التي يحصلون عليها. حتى الآباء ذوي النوايا الحسنة قد يفرضون هذه التقنيات على أطفالهم، آملين أن يمنحوهم ميزة في المدرسة أو في الحياة، مما قد يعرض أطفالهم لمخاطر أو يقوض حقوقهم دون قصد.

لتحقيق فوائد تقنية الأعصاب للأطفال وتقليل المخاطر، يجب توافر عدة عوامل أساسية. تشمل هذه العوامل الوصول العادل إلى تقنيات الأعصاب المثبتة، وآليات حوكمة قوية تشمل أطر البيانات والخصوصية، بالإضافة إلى احترام سيادة القانون والحفاظ على حقوق الإنسان وحقوق الأطفال. والأهم، يجب أن تكون هناك موافقة مستنيرة تُقدم من الأطفال أنفسهم وعائلاتهم أو الأوصياء عليهم. ولتمكين الأطفال من إعطاء موافقة مستنيرة، نحتاج إلى مزيد من المعرفة حول الفوائد والمخاطر المحتملة لتقنية الأعصاب.

تشكيل المستقبل المناسب لتقنية الأعصاب
يعد مستقبل تقنية الأعصاب واعدًا ولكنه مليء بالتحديات. وهناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتقدم في هذا المجال المتطور لضمان تطوير هذه التقنيات واستخدامها بشكل آمن للأطفال. وتشمل الخطوات الأولية لحماية الأطفال: تطوير أخلاقيات الأعصاب الموجهة نحو الأطفال بمشاركة من أصحاب المصلحة المتنوعين، وتحليل السياسات والتنظيمات لتحديد الثغرات المحتملة في الحفاظ على حقوق الأطفال في سياق تقنية الأعصاب، وتضمين الأطفال بشكل مسؤول في كل من تصميم التكنولوجيا وتطوير السياسات، والعمل على توقع التطورات المستقبلية في هذا المجال كوسيلة لإبلاغ استجابات الحوكمة الاستباقية. كما أن البحث لفهم الآثار الإيجابية والسلبية لتقنية الأعصاب على الأطفال أمر بالغ الأهمية.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum