Leo Simonovich, Filipe Beato

غالبًا ما يُنظر إلى الأمن السيبراني على أنه استعداد للفشل. كما يُعتبر غالبًا مجرد اهتمام للقادة الرقميين فقط. لكن الأمن السيبراني يمكن أن يؤثر بشكل كبير في جميع جوانب المنظمة. وتؤثر الهجمات السيبرانية في القيمة السوقية، وتظهر الأبحاث أن المنظمات ذات المرونة السيبرانية تقدم قيمة أكبر بنسبة 50% لمساهميها.

يعتبر التفكير في الأمن السيبراني كوسيلة لتجنب الخسائر وقضية رقمية فقط، تجاهلاً لعدد من العوامل غير الملموسة التي يمكن أن تعزز قيمة المنظمة: الثقة، والسمعة، وثقة أصحاب المصلحة، والقدرة التقنية اللازمة لدعم الابتكار السريع. من ناحية أخرى، تتمكن المنظمات ذات المرونة السيبرانية من الاستمرار في تحقيق الأهداف التجارية الأساسية، وأيضًا فتح قيمة إضافية.

في قطاع الطاقة تحديدًا، ينبغي اعتبار تطوير المرونة السيبرانية كإعداد لانتقال طاقي ناجح. وتعدُّ البنية التحتية للطاقة ضرورية للنشاط الاقتصادي العالمي. حول العالم، تستثمر المنظمات العامة والخاصة بشكل كبير في تسريع الانتقال إلى أنظمة طاقة أكثر نظافة وكفاءة. في عام 2023 وحده، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة 1.7 تريليون دولار.

من المرجح أن تؤدي هذه الاستثمارات الطموحة في ابتكار الطاقة إلى تغيير جذري في قطاع الطاقة، كما تكشف أيضًا عن أهمية الأمن السيبراني. وتركز البنية التحتية الجديدة للطاقة على التقنيات الرقمية الأصلية مثل: البطاريات، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والتوربينات المتقدمة. لذا، مع استمرار الضغط للتحول إلى الطاقة المتجددة وجعل البنية التحتية الحالية أكثر كفاءة، ستؤدي التقنيات الرقمية دورًا رئيسيًا في تحقيق الانتقال الطاقي. ومع ذلك، سيزيد هذا أيضًا من التعرض للتهديدات السيبرانية.

سيتطلب تطوير طاقة نظيفة وفيرة ومنخفضة التكلفة مجموعة متكاملة من التقنيات والأنظمة والمعايير الداعمة. وستؤدي زيادة منشآت إنتاج الطاقة إلى ضرورة اتخاذ قرارات ذكية وسريعة، قد تكون آلية، بشأن كيفية توزيع هذه الطاقة أو تخزينها. وهذا يعني الحاجة إلى المزيد من التحكمات الرقمية في التقنيات التشغيلية، بالإضافة إلى زيادة الأصول التي تحتاج إلى حماية من التهديدات السيبرانية.

ستعتمد الطموحات العالمية لمكافحة تغير المناخ وتحقيق مستويات معيشة أفضل على أنظمة ذات مرونة سيبرانية. سيتعين على أنظمة الأمن السيبراني الدفاع عن البنية التحتية الحالية للطاقة، مع تعزيز ثقة المستهلكين والمستثمرين. إذا أراد العالم أن يشهد نشرًا سريعًا واستدامة للبنية التحتية الجديدة للطاقة على نطاق واسع، فإن تعزيز هذه الثقة سيكون أمرًا حاسمًا.

مساعدة تقنيات الطاقة على تحقيق إمكاناتها

من خلال تصور ما يتطلبه الأمر لدعم وتأمين هذا النوع من نمو الطاقة النظيفة، يمكننا تسريع نشر الحلول عندما تصبح متاحة. تقدم الهواتف الذكية اليوم حلم أجهزة الاتصال من سلسلة “ستار تريك”، ولكن بدون التشفير، ومرشحات الرسائل المزعجة، وتحديثات البرمجيات، سيصبح هذا الحلم التكنولوجي كابوسًا. وتُعد هذه الأنظمة الداعمة ضرورية لتعزيز نجاح التقنية الأساسية.

يمكن أن يكون الأمن السيبراني، ويجب أن يكون، عامل تمكين للنمو المستدام في الطاقة النظيفة أيضًا. على سبيل المثال، يُعد الأمن السيبراني القوي متطلبًا تصميميًا أساسيًا لمحطات الطاقة المستقلة وأنظمة التوزيع. سيجعل هذا الأنظمة أكثر موثوقية، كما أن الثقة تُعد شرطًا أساسيًا لنجاح السوق. بعض الشركات التي فقدت ثقة السوق وأصحاب المصلحة بعد حادث سيبراني شهدت انخفاضًا في قيمتها السوقية يصل إلى ملياري دولار، ليس فقط بسبب الخسائر المباشرة، ولكن أيضًا لأن الأعمال المستقبلية أصبحت مهددة.

يمكن أن يحدث توسيع نطاق الاستقلالية لهذه الأنظمة فقط إذا كسبت الأتمتة ثقة العملاء في جميع أنحاء سلسلة الإمداد. ستكون الشركات التي لديها سجل قوي من النجاح في تأمين أنظمتها، أكثر قدرة على الوصول إلى الأسواق المهتمة بمحطات الطاقة المستقلة والعديد من ابتكارات الطاقة الأخرى.

تعزيز الأمن السيبراني لابتكار الطاقة

تساعد حماية اليوم السيبرانية في تحديد معالم الممكن. إن تأمين التقنيات المستخدمة اليوم بنجاح يبني الثقة اللازمة لدعم التقدم الأكبر الذي لا يزال قادمًا. سيؤدي توسيع قدرات الأمن السيبراني إلى توسيع مجالات الأعمال لتقنيات الطاقة، بما يتناسب مع أي مستوى من تحمل المخاطر.

من المفيد تصور أنظمة الدعم التي ستكون مطلوبة لتوسيع نطاق الاختراقات الجديدة والناجحة في مجال الطاقة. لكن يجب علينا أيضًا تصور ما ستبدو عليه الاختراقات الناجحة في الأمن السيبراني، وما هي تداعياتها على أنظمة الطاقة. يؤدي المبتكرون والمستثمرون في مجال الأمن السيبراني دورًا رئيسيًا في هذا. وينبغي لهم وضع أهداف طموحة، ثم بناء الأنظمة والثقة اللازمة لتحقيق ذلك.

ماذا يتطلب الأمر لتمكين الأتمتة من مراقبة التهديدات السيبرانية والاستجابة دون تدخل المحللين، على سبيل المثال؟ هل يمكن للشركات حماية شركائها التجاريين من خلال مشاركة معلومات الحوادث السيبرانية بشكل أسرع؟ هل يمكن أن تصبح أنظمة التحقق من الهوية خالية من الاحتكاك للمستخدمين؟ ماذا يتطلب الأمر لتأمين كل خطوة في سلسلة الإمداد للطاقة؟

ستظل بعض هذه الأهداف بعيدة المنال لسنوات قادمة. وحتى في ذلك الحين، سيكون من الصعب تحديد أي منها سيصبح ممكنًا في النهاية، وما إذا كان ذلك سيحدث من خلال تطورات صغيرة وصعبة أو عبر اختراقات كبيرة. لهذا السبب، من المهم للمبتكرين في مجالي الطاقة والأمن السيبراني الاستمرار في السعي والاستعداد لتحقيق النجاح. إذا تمكنت شركات الطاقة من كسب الثقة من خلال التفكير في جميع تداعيات التكنولوجيا الجديدة مسبقًا، فسيصبح الطريق نحو الابتكار أسهل.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum