الشمولية أمر مركزي لانتقال عادل للطاقة | مركز سمت للدراسات

الشمولية أمر مركزي لانتقال عادل للطاقة

التاريخ والوقت : الإثنين, 22 يناير 2024

Majid Jafar

شهد العالم العام الماضي درجات حرارة قياسية في ظل إجماع عالمي على الحاجة لخفض الكربون في أنظمة الطاقة. بيد أن مليار شخص في الاقتصادات المتقدمة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يستهلكون طاقة أكثر ومسؤولون عن المزيد من المخزون التاريخي للكربون في الغلاف الجوي، مقارنةً بـ7 مليارات في الجنوب العالمي. مع استهلاك الإفريقي العادي لعُشر الطاقة التي يستهلكها الأوروبي العادي، وعشرين جزءًا من متوسط استهلاك الأميركي، هناك قضية جوهرية تتعلق بالعدالة في الانتقال إلى اقتصاد يعتمد على كميات أقل من الكربون.

لقد مر شهر على اختتام مؤتمر الأطراف COP28 بإعلان التوافق الإماراتي، وقد أثبت الاجتماع السنوي أهمية الشمولية لمعالجة تغير المناخ وتعزيز انتقال عادل للطاقة. من خلال الترحيب بالقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، وأهم من ذلك، التأكد من تمثيل العالم النامي واستشارته في كل مستوى من مستويات جدول الأعمال، تمكن مؤتمر COP28 من تحقيق اتفاق مع تقدم يمكن أن يكون له تأثير حقيقي ودائم على الانتقال إلى عالم يعتمد على كربون أقل.

تحققت مجموعة واسعة من الإنجازات خلال الاجتماع، منها: إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، وإنشاء دولة الإمارات صندوق الاستثمار الرائد Alterra بقيمة 30 مليار دولار للشراكات المناخية التحويلية لتمويل انتقال الطاقة، والالتزامات الملموسة لمضاعفة قدرة الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات، فضلًا عن التزامات الحكومات بمضاعفة كفاءة الطاقة بحلول منتصف القرن. واختتم الاجتماع بالتزام تاريخي بالانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة بطريقة عادلة ومنظمة ومتكافئة.

تجسير الفجوة العالمية في مجال الطاقة

كانت خلفية العديد من المداولات هي كيفية تحقيق ثلاثية الطاقة المتمثلة في العدالة والأمان والاستدامة، وهي مسألة تصارع معها كل دولة، وخاصة منذ أزمة الطاقة في عام 2022. كل جزء من هذه الثلاثية حيوي للحفاظ على التوازن. لكن في حين تم تذكير المستهلكين الأوروبيين بأهمية الثلاثية في شتاء العام الماضي، واجه العالم النامي هذا الاعتبار لعقود ويخشى بشكل متزايد أن يعتمد مستقبلهم على خفض الانبعاثات على حساب التقدم الاقتصادي. مع وجود ما يقرب من 900 مليون شخص لا يزالون من دون كهرباء، و2.4 مليار من دون وقود الطهي النظيف، فإن هذه الفجوة في الوصول إلى الطاقة بأسعار معقولة واضحة وأساسية للتحدي.

يعتبر تجسير هذا الانقسام أمرًا حاسمًا لتقدم انتقال الطاقة العادل والمتكافئ والشامل، والتأكد من أن أصوات ومخاوف العالم النامي مسموعة، أمر مركزي لتحقيق تقدم كبير. ففي نهاية المطاف، فإن العالم النامي هو المكان الذي قد ينتصر فيه أو يخسره الجميع في معركة تغير المناخ؛ فهو المكان الذي سيأتي منه كل النمو الصافي في الانبعاثات، لأنه المكان الذي يحدث فيه النمو الاقتصادي والسكاني الأسرع.

يجب على هذه الدول التقدم نحو مسار انبعاثات أقل، لكن على صناع السياسات أن ينفضوا عن أنفسهم فكرة أنه يمكن تحقيق التقدم من خلال تقليل الوصول إلى إمدادات الطاقة أو مجرد قطع الاستهلاك. من الضروري تمكين العالم النامي من الاستمتاع بالازدهار الكامل مع بصمة كربونية أقل. وهذا يعني حلولاً ملموسة للطاقة الثابتة بما في ذلك القاعدة الأساسية لاستبدال الحاجة لحرق الفحم. الطاقة المتجددة المدعومة بالطاقة الكهربائية الناتجة عن الغاز الطبيعي، هي الحل الأكثر فعالية لخفض الانبعاثات الكربونية بسرعة وبأسعار معقولة، وتؤدي إلى تقليل الانبعاثات بنسبة 70% مقارنة بالفحم. يمكن امتصاص النسبة المتبقية والبالغة 30% أو الانتقال بها إلى وقود أنظف مثل الهيدروجين، عندما يكون ذلك ممكنًا.

رخصة التشغيل

أظهرت صناعة النفط والغاز أيضًا أنها قادرة على إحراز تقدم ملموس في COP28 لتكون جزءًا من الحل. كان ميثاق خفض الكربون للنفط والغاز إشارة واضحة على نية الصناعة لضمان حصولها على رخصة التشغيل. هناك حوالي 50 شركة دولية للنفط والغاز موقعة على الميثاق، الذي يدعو إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 أو قبل ذلك، وانبعاثات ميثان شبه صفرية في المصادر الأولية، والقضاء على الاحتراق الروتيني بحلول عام 2030، مما يمثل نقطة توافق بين منتجي النفط والغاز لتقديم الطاقة بشكل أنظف. يمكن لمبادرات مثل هذه أن تخلق حلقة جيدة من تقليل الانبعاثات مع ضمان إمدادات طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة للاقتصادات النامية.

قوة التعاون العالمي

في نهاية المطاف، لا يمكن تحقيق التغيير المطلوب لتقليل الانبعاثات إلا من خلال التعاون العالمي. وضعت COP28 تأكيدًا خاصًا على فتح آليات التمويل لاحترام ومعالجة احتياجات الدول النامية من خلال الوفاء بالتزامات تمويل المناخ وتوفير التمويل، وكذلك الدعم الفني والمساعدة. قامت كل من: المملكة المتحدة، وفرنسا، والبنك الدولي، وبنك التنمية الأمريكي (IDB)، والبنك الاستثماري الأوروبي (EIB)، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير (EBRD)، والبنك الإفريقي للتنمية (ADB)؛ بالتزامات جديدة لتوسيع استخدام بنود الديون المقاومة للمناخ (CRDCs) في عمليات الإقراض الخاصة بها.

كمستثمر رائد وكبير في جميع أشكال الطاقة، تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة الموارد، من حيث التمويل وإمدادات الطاقة الشمسية منخفضة التكلفة، لتقدم تقنيات المستقبل مثل اقتصاد الهيدروجين. تعتبر الإمارات قائدة عالميًا في الاستثمار في الطاقة الخضراء مع خطط لاستثمار 100 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة حول العالم، بالإضافة إلى هدف وطني واضح لتحقيق صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.

إرث COP28 وإجماع الإمارات العربية المتحدة سيكون ضمان الشمولية لجميع الأطراف لتحقيق تغيير دائم. سيكون نجاحه شهادة على قدرة الإمارات الفريدة على جمع شمال العالم وجنوبه وتبني تنوع الآراء لبناء التوافق.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر