سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أ.د. محمد بن عبدالله العضاضي
تعد مدينة الرياض عاصمة السعودية، إحدى أسرع المدن نمواً وتوسعاً في العالم، وقد شهدت تطوراً عمرانياً مذهلاً على مدى العقود الماضية، ما جعل منها مركزاً حيوياً للتجارة والاقتصاد والثقافة. في هذا السياق، أطلقت مبادرة “الرياض الخضراء” كجزء من الرؤية 2030، بهدف تحويل الرياض إلى واحدة من أفضل المدن استدامة وخضرة في العالم، وهي تمثل طموحاً عالمياً يسعى لتحقيق جودة حياة عالية للسكان والمقيمين، وتحسين المناخ والبيئة، يستهدف هذا المشروع زيادة المساحات الخضراء والمناطق العامة، إلى جانب تعزيز الوعي البيئي وتقليل التلوث. ولعلي في هذه المقال، استعرض رؤى وأهداف هذا المشروع ، وتأثيره في المستوى المحلي والعالمي اقتصادياً.
لتكون الرياض واحدة من أكثر مدن العالم خضرة، يركز هذا المشروع على زيادة ورفع نسبة المساحات الخضراء من 1.7 متر مربع لكل فرد إلى نحو 28 مترا مربعا بحلول 2030، وذلك من خلال زرع نحو 7.5 مليون شجرة، وإنشاء مناطق خضراء وممرات للمشي والدراجات على طول الشوارع والطرق السريعة، كما أن هناك أهداف ورؤية طموحة تتجاوز الفوائد البيئية التقليدية، ومن هذه الأهداف تحسين جودة الهواء ورفع جودة الحياة، حيث توفر مثل هذه المشاريع مساحات خضراء تسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وزيادة مستوى الأوكسجين، وتقليل درجات الحرارة المرتفعه، ما يعزز الصحة النفسية والبدنية والنشاط بشكل عام.
ولا شك أن لمثل هذه المشاريع أهمية وتأثير إيجابي في الاقتصاد، ليس فقط من حيث جذب الاستثمارات، بل أيضًا من خلال زيادة السياحة البيئية، وخلق فرص عمل جديدة، وتحفيز النمو في قطاعات مثل الزراعة والضيافة أضف إلى ذلك تعزيز الصناعات المحلية وغيرها.
مشروع الرياض الخضراء يعد تجربة طموحة ورؤية مستقبلية مستدامة، ننافس فيه كثير من المشاريع الدولية مثل، مشروع “سنغافورة الخضراء” من الأمثلة العالمية الناجحة في التخضير الحضري، حيث تم تحويل سنغافورة إلى واحة خضراء مع ممرات مشجرة وحدائق عمودية، ومشروع “هاي لاين” في نيويورك الذي يعد مثالاً على كيفية استغلال البنية التحتية المهملة بطريقة مبتكرة، وغير ذلك من الأمثلة.
هناك كثير من التحديات التي يجب مواجهتها، من ذلك الحاجة للتوفير موارد مائية بشكل فعال ومستدام والتكيف مع المناخ الصحراوي والصيانة الدورية، ولذا يعتمد مشروع الرياض الخضراء على مجموعة من التقنيات الحديثة لضمان تحقيق أهدافه بكفاءة عالية، تشمل استخدام أنظمة وتقنيات الري المتقدمة لتقليل استهلاك المياه وضمان توصيلها للنباتات بشكل فعّال، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والمراقبة حيث يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديد مواقع مناسبة للزراعة، واختيار أنواع النباتات الملائمة، إضافةً إلى مراقبة نمو النباتات وتحديد أي مشكلات بيئية في مراحل مبكرة، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية، لتشغيل المرافق المرتبطة بالمشروع، ما يعزز من استدامته.
هناك اهتمام العالمي في هذا المجال وفي هذا التوجه وخصوصاً في عالمنا اليوم الذي يشهد تغيرات مناخية سريعة، وهناك اهتمامًا متزايدًا بالمشاريع البيئية، كان لي فرصة في زيارة ملتقى بيبان 24 المقام أخيرا، هذا الملتقى العالمي ضم عديدا من التجارب والأفكار الابتكارية والبحوث التطويرية تم استعراضها خلال أيام الملتقى، ولفت انتباهي العروض الضخمة المقدمة في مجال البيئة والاستدامة من دول متعددة، يؤكد أن هناك ضرورة ملحة للاستثمار في هذا القطاع، ومن المؤكد أن نجاح مشروع مثل مشروع الرياض الخضراء سيكون نموذجاً عالمياً يحتذى به وسيكون إضافة نوعية لتحقيق مستقبل أكثر استدامة.
المصدر: الاقتصادية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر