الثقة والأمان أساسان لمستقبل الإنترنت | مركز سمت للدراسات

الثقة والأمان في الاتفاقية العالمية الرقمية أساسان لمستقبل الإنترنت

التاريخ والوقت : الإثنين, 29 أبريل 2024

Agustina Callegari, Daniel Dobrygowski

لقد جذبت النسخة الأولية من الاتفاقية العالمية الرقمية، التي كشفت عنها الأمم المتحدة، مؤخرًا، والتي تهدف إلى إنشاء مستقبل رقمي شامل ومفتوح وآمن للجميع، اهتمامًا كبيرًا بالثقة والأمان الرقميين، بين موضوعات أخرى تم تغطيتها، مثل الشمول الرقمي، وحوكمة البيانات والذكاء الاصطناعي “AI”.

بينما قد لا يكون هذا هو المحور الرئيسي دائمًا بالنسبة لخبراء الثقة والأمان، فإن الغوص في تفاصيل هذه الوثيقة أمر حاسم لفهم المشهد الحالي والمستقبلي للأمان على الإنترنت.

ما هي الاتفاقية العالمية الرقمية؟

قبل عامين، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاتفاقية العالمية الرقمية، بهدف معالجة القضايا الرقمية الرئيسية بطريقة متعددة الأطراف.

لقد حددت هذه المبادرة مجالات حرجة، تمتد من الفجوة الرقمية والشمول في الاقتصاد الرقمي، وحوكمة البيانات، وتطبيق حقوق الإنسان عبر الإنترنت، وحوكمة الذكاء الاصطناعي، واستراتيجيات لتعزيز الثقة والأمان، بما في ذلك تنفيذ معايير المساءلة للمحتوى المضلل.

تشكل الاتفاقية العالمية الرقمية جزءًا حاسمًا من قمة الأمم المتحدة الأوسع للمستقبل، المقرر عقدها في سبتمبر 2024. ستختتم هذه القمة بالتفاوض على ميثاق عملي للمستقبل، حيث يعمل المسودة كوثيقة أساسية للمناقشات الحكومية الدولية.

من المهم أن تشمل العملية مشاورات مع مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجتمع المدني والقطاع الخاص. على الرغم من أن هذا الميثاق حكومي، فإنه غير ملزم، وهو خطوة هامة نحو معالجة التحديات الرقمية الملحة على المستوى العالمي.

استكشاف التزامات الثقة والأمان الرقمية في الميثاق

تقدم النسخة الأولية من الاتفاقية العالمية الرقمية قسمًا حول الثقة والأمان الرقمي “المجموعة 3”. يحدد هذا القسم من التقرير عدة التزامات رئيسية ودعوات عاجلة للتحرك، كل منها مصمم لخلق بيئة أونلاين أكثر أمانًا وأمنًا.

التركيز ينصب على إنشاء معايير وإرشادات مشتركة لمكافحة المحتوى الضار على المنصات الرقمية. كما يُشدد على أهمية تسهيل التعاون بين المؤسسات الوطنية لأمان الإنترنت.

من خلال تأسيس التعاون، يمكن لأصحاب المصلحة تبادل أفضل الممارسات وتطوير فهم مشترك للإجراءات اللازمة لحماية الخصوصية وحرية التعبير، والوصول إلى المعلومات مع التقليل من الأضرار.

علاوة على ذلك، هناك تأكيد قوي على أهمية إعطاء الأولوية لسياسات الأمان الوطنية عبر الإنترنت للأطفال. يُحث الحكومات على تطوير وتنفيذ سياسات تتماشى مع قانون حقوق الإنسان الدولي، مع التأكيد على أهمية حماية الفئات الضعيفة، وخاصة الأطفال.

يُعتبر المراقبة والمراجعة الدورية لسياسات المنصات الرقمية، فيما يتعلق بمكافحة استغلال وإساءة الأطفال جنسيًا، ضرورية للحفاظ على المسؤوليات في حماية المستخدمين الضعفاء.

جانب حاسم آخر في المسودة، هو ضمان الامتثال القانوني للمعايير الدولية المتعلقة بالخصوصية، وحرية التعبير، والإجراءات القانونية الواجبة. يجب أن تلتزم القوانين واللوائح المتعلقة باستخدام التكنولوجيا بهذه المعايير، محققة توازنًا دقيقًا بين تدابير الأمان والحقوق الفردية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز قوي على تطوير منهجيات فعالة لقياس وتتبع ومكافحة العنف عبر الإنترنت، وخاصة ضد النساء والفتيات.

دعوة للتشاور حول استراتيجيات التصدي للمحتوى الرقمي الضار

بالإضافة إلى ذلك، تشمل دعوات العمل في المسودة، استشارات متعددة الأطراف لوضع استراتيجيات لمكافحة المحتوى الضار، والتفاعل مع مستخدمين متنوعين، بما في ذلك الأطفال والشباب، في تطوير التكنولوجيا، وضمان أن تقوم شركات التكنولوجيا الرقمية والمطورين بدمج وجهات نظر واحتياجات متنوعة في تصميم وتقديم التكنولوجيات الرقمية.

تعزيز آليات التقرير للمستخدمين والأطراف الثالثة للإبلاغ عن انتهاكات السياسات المحتملة، مع أحكام خاصة للأطفال، أمر ضروري لضمان اتخاذ إجراءات سريعة ضد سوء السلوك عبر الإنترنت.

من خلال إنشاء آليات تقرير قوية، يمكن لأصحاب المصلحة معالجة انتهاكات السياسة بشكل فعال وفرض المساءلة في الفضاء الرقمي. كما أن إنشاء إطارات المساءلة للاعبين في الصناعة، أمر بالغ الأهمية؛ إذ يتم تحديد المسؤوليات والمعايير بينما يتم تمكين الرقابة العامة من خلال التقارير القابلة للتدقيق.

أخيرًا، يُحث موفرو منصات التواصل الاجتماعي على تقديم مواد تدريبية متعلقة بالأمان عبر الإنترنت وآليات حماية للأطفال والشباب، الذين يشاركون في هذه الفضاءات. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز ثقافة الكفاءة الرقمية والمرونة بين المستخدمين الشباب، مما يجهزهم بالأدوات اللازمة للتنقل بأمان في عالم الإنترنت.

ربط دعوات العمل بالائتلاف العالمي للأمان الرقمي

تتردد دعوة العمل في النسخة الأولية من الاتفاقية العالمية الرقمية بقوة مع أهداف الائتلاف العالمي للأمان الرقمي. كما تعكس المبادئ الكامنة وراء الاتفاقية القيم، التي عُبر عنها في مبادرة الثقة الرقمية التابعة لمنتدى الاقتصاد العالمي وعملها في حوكمة التكنولوجيات التي تقوم عليها الإنترنت.

يضم هذا الائتلاف أصحاب المصلحة المتنوعين من الحكومات، وشركات التكنولوجيا، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية؛ ويسعى لمعالجة المخاطر عبر الإنترنت وتعزيز الرفاهية الرقمية. تستند الأعمال إلى معالجة المشكلة من منظور حقوق الإنسان.

في هذا السياق، طوَّر الائتلاف المبادئ العالمية للأمان الرقمي، التي تمت مشاركتها خلال عملية الاتفاقية العالمية الرقمية من قبل أعضائنا. تهدف هذه المبادئ إلى الإجابة عن السؤال الأساسي: “كيف ينبغي ترجمة حقوق الإنسان في العالم الرقمي؟”.

إنها تعزز الأمان الرقمي بطريقة تحترم الحقوق، وتدفع نحو توافق آراء متعدد الأطراف، وتشجع السلوكيات والأفعال الإيجابية عبر النظام البيئي الرقمي، وتُعلم وتمكّن الجهود التنظيمية والصناعية والمجتمعية والابتكارات.

كجزء من المبادئ المشتركة، تبرز الوثيقة عدة إجراءات حيوية، وتُؤكد أهمية التعاون مع أصحاب المصلحة المتنوعين لبناء بيئة عبر الإنترنت آمنة وموثوقة وشاملة، مضمونة للجميع للاستمتاع بحقوقهم الرقمية.

بالإضافة إلى ذلك، تُبرز الوثيقة ضرورة السعي للحصول على رؤى من المجتمع المدني لإعلام صنع السياسات، وفهم الأضرار الناشئة، ودعم اتخاذ القرارات الشاملة بخصوص الأمان الرقمي.

حلول متعددة الأطراف قائمة على الأدلة لتعزيز الأمان الرقمي

هناك أيضًا دعوة لدعم حلول مبتكرة وقائمة على الأدلة متعددة الأطراف لتقييم ومعالجة وتعزيز الأمان الرقمي، بهدف منع الضرر. علاوة على ذلك، يُشجع الجهود لتعزيز الشفافية بشأن النهج والنتائج في تحسين الأمان الرقمي؛ لتحسين الاستجابة الجماعية لتحديات الأمان الرقمي.

وأخيرًا، تعترف المبادئ بأهمية مساعدة الفئات الضعيفة والمهمشة، بما في ذلك الأطفال، على إدراك حقوقهم في العالم الرقمي، مع تأكيد الحاجة إلى حماية أمان وخصوصية الأطفال عبر الإنترنت.

تتماشى نتائج أخرى للائتلاف أيضًا مع دعوة العمل الخاصة بالاتفاقية العالمية الرقمية؛ إذ تهدف إلى معالجة قضايا الأمان الرقمي الحرجة من منظور عملي. توفر تصنيف الأضرار عبر الإنترنت لغة أساسية حول الأضرار، وهو أمر أساسي للنقاش العالمي حول الأمان الرقمي.

يسمح إطار تقييم المخاطر أيضًا للمنظمات بتطوير أطر تقييم المخاطر وزيادة المسؤولية. وأخيرًا، يهدف التقرير القادم حول المقاييس والقياسات، إلى توفير تصنيف للتفكير في المقاييس والقياسات، وهي تحدٍ كبير في المجال الذي تم تأكيده أيضًا بواسطة الاتفاقية.

بينما من المحتمل أن تتفق الدول الأعضاء على الاتفاقية العالمية الرقمية، فهي عملية ضرورية لتسليط الضوء على أهمية التعاون متعدد الأطراف ودور الأطراف المختلفة في تحديد مستقبل الإنترنت والتكنولوجيات الرقمية الأخرى، والتي يُعد الأمان الرقمي فيها أمرًا حاسمًا.

من خلال العمل المنجز في الائتلاف، يمكننا الاستفادة من خبراتنا ومواردنا المشتركة لمواصلة تحقيق تقدم ملموس، وتعزيز الثقة والأمان الرقميين على مستوى العالم.

المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر