دون شك، أن التقنيات الحديثة، أسهمت في تقوية التواصل بين الناس، وكما يقال فإنها قرّبت البعيد، لكن أيضاً كان لها أثر كبير على التواصل المباشر بين الناس، حيث استبدلها البعض، عوضاً عن الزيارات واللقاءات الأسرية، أو الاجتماع مع الصحب والرفاق، وإن كانت التطبيقات المخصصة للتواصل، لها فوائد ثرية في جوانب متعددة من حياتنا، إلا أنها تبقى عاجزة عن توفير الدعم الذي يحتاج إليه كل واحد منا، الدعم الذي نحتاج خلاله إلى الشعور بأن هناك من يقف بجانبنا ويدعمنا، هو الأمر الذي تقف تلك التطبيقات عاجزة عن توفيره.
أثبت العلم من خلال الدراسات والبحوث المتخصصة، أن لقاء الأهل، والأقارب والأصحاب، والاجتماع معهم، وبناء علاقات الصداقة، وتقوية أواصر القربى، جوانب حيوية في الحياة البشرية، ولها أثرها الكبير في الاستقرار النفسي والمعنوي، بل للصحة النفسية – بشكل كامل- وعام وشامل.
في عام 2017، خلصت دراسة نشرتها مجلة “American Psychologist” إلى أن الشعور بالانتماء والترابط الاجتماعي، مرتبط بشكل قوي بالرفاهية والصحة النفسية. وقالت إن الأفراد الذين لديهم علاقات اجتماعية قوية، ويشعرون بالانتماء، فان مشاعر القلق، والاكتئاب، والوحدة، قليلة لديهم. بل نشر بحث عام 2010 في مجلة “Journal of Health and Social Behavior” توصل إلى أن: الأفراد الذين لديهم شبكة من العلاقات الاجتماعية، والدعم الاجتماعي، عاشوا لمدة أطول، موازنة بأولئك الذين لديهم دعم اجتماعي محدود أو قليل.
وعلمياً تم ربط الشعور بالوحدة، بمخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، كما جاء في دراسة، أجرتها جامعة UCL في المملكة المتحدة عام 2018 وقالت بأن التواصل الاجتماعي والشعور بالانتماء يساعد في الوقاية من هذه الأمراض. الحال نفسه أوضحه بحث نشر في مجلة “Personality and Social Psychology Review” عام 2015 جاء فيه: إن التواصل والارتباط الاجتماعي، له تأثير إيجابي على الصحة العقلية والجسدية، ويساعد في الوقاية من الاكتئاب والقلق والإجهاد.
يجب الوعي والفهم، بأن مواقع التواصل، والتطبيقات المختلفة، التي ساهمت في تواصلنا مع الآخرين، هي وسائل اتصال، وليست كافية لإثراء حياتنا الاجتماعية، نحن بحاجة للتواصل الحقيقي مع الناس، وبناء علاقات من المودة، والرحمة، والتعاون، والتفاعل.
القيام بواجباتك الاجتماعية، من خلال تلك التطبيقات، لا تمنحك الدفء والمشاعر، التي تغطيك عند اللقاءات الشخصية. من المهم الموازنة بين تلك التطبيقات، ومعرفة وظيفتها، وبين التواصل الشخصي مع الأقارب والأصدقاء.
المصدر: الخليج