سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سلطان السعد القحطاني
ستكون الأشهر المقبلة ساحة صراع سياسي تشهده “الانتخابات الأميركية“، وسيكون الملف السعودي كالعادة واحدًا من أهم الملفات التي يطرحها المرشحون، بلغة شعبوية مفتوحة لكل الاحتمالات.
بيد أن ما نحتاج معاودة التذكير به هو أن “السعودية” ليست قوية بسبب تحالفها مع أميركا، بل لأن “السعودية” دولة قوية بذاتها، تحالفت معها أميركا، وغيرها من الدول الكبرى في العالم.
على مدار تاريخ العلاقات بين البلدين كانت المملكة تدفع مقدمًا للأسلحة التي تحصل عليها، وتدفع ثمن شراكاتها السياسية والعسكرية، بل إن تكاليف حرب الخليج، التي دفعت “السعودية” معظمها، ظلت ترهق كاهل الميزانية لسنوات. ومن يرصد تاريخ العلاقات بين البلدين يعرف أن ما بينهما كان أقرب إلى حماية المصالح، من حماية حدود جغرافية معينة. كل طرف من الطرفين كان مستفيدًا من هذه العلاقة.
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود بين البلدين. عانت المملكة كثيرًا مع عدد من الرؤساء الأميركيين. اعترف ”ترومان” بإسرائيل، وتحالف “جونسون” معها بطريقة فجة. رحّب “كينيدي” بانقلاب السلال، وحظي بعلاقة قوية مع الرئيس عبدالناصر، و”كارتر” تخاذل حتى سقطت الملكية في إيران، فيما مرّت العلاقات مع إدارة “كلينتون” بسنوات من الجمود، بل إن فترة “أوباما” الرئاسية كانت عملًا أميركيًا منظمًا لكل ما هو ضد “السعودية”.
مع ذلك بقيت “السعودية” ولم يتغير دورها في المنطقة.
الحقيقة الواضحة هي أن ما يجمع البلدين أكثر مما يفرقهما: مصالح اقتصادية، وعسكرية، وسياسية، وتحجيم دور إيران، ومحاربة التطرف، وضبط توازن السوق النفطية، فضلًا عن مساهمات المملكة الكبيرة في المنظمات الدولية، وبعثات الأمم المتحدة ومبادراتها.
بتاريخ يقارب القرون الثلاثة، ترى أن أساس قوة الدولة “السعودية”، وسر بقائها رغم عواصف الإقليم، هو “العقد الاجتماعي” الوطيد مع شعبها. إنه مقاربة لنظرية سياسية، دعمها مفكرون كبار مثل “هوبز” و”روسو” في أطروحاتهم الفكرية، ومفادها أن قيام أي دولة وبقاءها، مبني على مدى رغبة الشعب، واتساق نظام الحُكم مع تطلعاته، واتفاق بين الحاكم والمحكوم على الخطوط العريضة، والمصالح الفردية والعامة، لطريقة تسيير الدولة. لقد سقطت الدولة مرتين، وفي كل مرة، كان النداء موجهًا للأسرة ذاتها كي تعود.
تمتلك ”السعودية” ما يمكن أن يسميه الباحث في العلوم السياسية “خصائص القوة”، وهي العوامل التي تجعل من دولة قوية بذاتها، دون الاعتماد على قوة من خارج الحدود، فالعلاقة بين الشعب والملكية هي سر قوة “السعودية”. وكانت الملكية مؤتمنة دائمًا على مصالح شعبها وبلادها، وقادرة على أن تعبر بهم إلى شط الأمان، رغم صعوبة المنطقة التي يعيشون فيها، وتوازناتها الدقيقة.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر