برامج الذكاء الاصطناعي في السينما | مركز سمت للدراسات

الإنسان والروبوت.. والمعركةُ الأولى!

التاريخ والوقت : الخميس, 27 يوليو 2023

د.وحيد عبدالمجيد

 

تدور الأحداث في «هوليوود»، لكن في الواقع وليس في عملٍ سينمائي. آلاف المُمثَّلين وكُتاَّب السيناريو البارزين مُضربون عن العمل. لديهم مطالب تقليدية مثل تحسين أجورهم؛ لأن أرباح شركات الإنتاج والاستديوهات لم تعد تأتي من بيع التذاكر في دور العرض فقط، بل من البث الرقمي عبر منصات متعددة أيضاً. لكن مطلبهم الجديد غير المسبوق هو الحصول على ضماناتٍ تمنع استخدام روبوتات وبرامج ذكاء اصطناعي في الأعمال الفنية على حسابهم. يبدو هذا، للوهلة الأولى، خلافاً تقليدياً بين العاملين وأصحاب الأعمال في قطاع الصناعات السينمائية. لكن الروبوت هو الغائب الحاضر فيه. فما كان لمعركةٍ من هذا النوع أن تحدث إلا لأن التطور في مجال الذكاء الاصطناعي دخل مرحلةً نوعيةً بمعنى الكلمة، بعد ابتكار روبوتات للمحادثة وتطويرها بسرعة مذهلة.

مشكلة المُمثلين وكُتاَّب السيناريو تعود في الأساس إلى قلقهم من استخدام هذه الروبوتات في الأعمال التي يقومون بها. ويبدو أصحاب شركات الإنتاج والاستديوهات، والحال هكذا، كما لو أنهم ينوبون عن الروبوتات التي يرى المُضربون أنها تُزاحمهم في سوق العمل.

وهذه معركة جديدة من نوعها، رغم أن استخدام الروبوت في أعمالٍ عدة ليس جديداً. لكن هذه الأعمال التي يُستخدم فيها منذ سنواتٍ يدويةٌ وبسيطةٌ في الأغلب الأعم. وأسواق العمل فيها واسعة لم تتأثر بدخول الروبوت فيها، بل العكس يُفيد وجوده في سد نقص العمالة في بعض القطاعات. كما أن أصوات العاملين فيها غير مسموعة غالباً، حتى وإن اشتكوا. أما قطاع الصناعات السينمائية فهو أحد قطاعات الصفوة المميزة. غيرُ قليلٍ من العاملين فيه مشهورون، وأصواتهم تُسمع، بل تدوِّي، كما حدث منذ أن شرعوا في إضرابهم. كما أنه قطاعٌ ضيقٌ يعتقد العاملون فيه أنه لا يتسع للإنسان والروبوت معاً.

لكن هل يمكن أن تقوم الروبوتات المُبرمجة بواسطة برامج الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً بعملٍ ذهني وإبداعي يتطلب فهماً وتفكيراً، حتى بعد ابتكار تقنية الشبكات العصبية شديدة الحساسية؟ يُجيب المُضربون بأن هذا بدأ يحدث فعلاً، وبأن بعض شركات الإنتاج تناقش تصوراً يتلخص في أن يَعمل المُمثِّلون ليومٍ واحد أو يومين، بحيث تؤخذ صور ومسوحات تصويرية ومقاطع صوتية لهم في الأوضاع المطلوبة للعمل السينمائي، ثم تقوم الروبوتات بتوليد المشاهد المطلوبة، ويتولى مهندسون تركيب الصوت في كل مشهد. وفي هذه الحالة، لن يحصل المُمثَّل إلا على أجر يومٍ واحد أو يومين.

ويعني هذا عدم القدرة على الاستغناء عن المُمثَّلين كلياً. وهذا هو حال كُتَّاب السيناريو أيضاً، إذ تبقى الحاجة إليهم لضبط النصوص المُولَّدة بواسطة برامج الذكاء الاصطناعي، ووضعها في صورتها النهائية. ولهذا يبدو المُمثِّلون وكُتّاب السيناريو في موقف قوي لاستحالة الاستغناء الكامل عنهم. فهل بدأت فعلاً المعركة بين الإنسان والروبوت بشكلٍ غير مباشر، انطلاقاً من قطاع الصناعات السينمائية؟

المصدر: صحيفة الاتحاد

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر