سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Mansour AlMulla
تواجه أنظمة الغذاء العالمية تحديات غير مسبوقة، تشمل تأثيرات تغير المناخ واضطرابات سلاسل الإمداد التي تؤثر على جميع أنحاء العالم. في الوقت نفسه، تُسهم أنظمة الغذاء بنحو ثلث انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ومن الواضح أنها لم تعد قادرة على تلبية متطلبات الاستدامة العالمية.
لكن التغيير في أنظمة غذائنا يأتي بتكلفة: يقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن هناك فجوة تمويل تبلغ 15.2 مليار دولار لابتكار أنظمة الغذاء. في ظل الحاجة إلى إطعام سكان يتزايد باستمرار، يشكل هذا خطرًا كبيرًا على الدول حول العالم.
لا يمكن تحقيق الأمن الغذائي بواسطة الحكومات فقط. إذ يتطلب بناء أنظمة غذائية عالمية مرنة جهودًا جماعية تشمل مجموعة متنوعة من الفاعلين في الاقتصاد، من الهيئات الحكومية إلى الكيانات الخاصة، حتى المستهلكين الأفراد، يؤدي كل منهم دورًا حيويًا في معالجة القضايا المعقدة التي تواجه أنظمة الغذاء الحديثة، والعمل نحو مستقبل أكثر استدامة.
إليك كل ما تحتاج لمعرفته حول دور الحكومة والقطاع الخاص والأفراد في بناء مستقبل آمن غذائيًا.
الحكومة: وضع أسس التغيير
لا شك أن الحكومات والكيانات العامة يجب أن تتصدر المشهد في تجاوز تعقيدات أنظمة الغذاء العالمية. لكن العبء لا يمكن أن يقع عليهم وحدهم. إن إعطاء أولوية للأمن الغذائي في الأجندات الوطنية هي خطوة أولى مهمة. ومع ذلك، فإن مفتاح النجاح هو تسهيل تحول شامل عبر طبقات أخرى من الاقتصاد للتخلص من الممارسات وأنماط الاستهلاك غير المستدامة.
يمكن أن يتخذ ذلك أشكالًا متنوعة. إذ يمكن للحكومات تحفيز التغيير من خلال دعم البحث والابتكار في الزراعة، ويمكنها القيام باستثمارات مستهدفة أو تشجيعها في منشآت متطورة لإنتاج أو تخزين الغذاء، ويمكنها تعزيز أساليب مبتكرة مثل التغذية الشخصية المستندة إلى البيانات الضخمة.
بعض الدول بدأت بالفعل تحقيق تقدم من خلال مثل هذه المبادرات. ويشمل ذلك التقديم الناجح لمزيد من أصناف الأرز المقاومة للمناخ في بنغلاديش، التي تعد ثالث أكبر منتج للأرز عالميًا؛ وإعلان الحكومة الهندية عن أكبر خطة لتخزين الحبوب في العالم في عام 2023؛ وظهور البرازيل كواحدة من أبرز الدول المصدرة للمنتجات الزراعية نتيجة لجهود الحكومة لتسريع الابتكار في هذا القطاع.
القطاع الخاص: تحفيز الابتكار
هنا يأتي دور القطاع الخاص في مستوى التبني. تحتاج الشركات إلى احتضان الابتكار وتعبئة رأس المال لتحقيق الطموحات التي وضعتها الحكومات. عادةً ما يعني ذلك تحدي الوضع الراهن واتخاذ قرارات تجارية أكثر جرأة تركز على المدى الطويل.
تشمل الأمثلة الناجحة استخدام روبوتات الحصاد في بساتين التفاح في تشيلي، حيث بدأت تقنيات الزراعة الدقيقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تجد موطئ قدم لها في البلاد. وفي الإمارات العربية المتحدة، التي كانت تاريخيًا تستورد نسبة كبيرة من غذائها بسبب مناخها الصحراوي، توفر المزارع الداخلية الكبيرة أرضًا خصبة لتنفيذ المفاهيم والتقنيات المبتكرة، مع تزايد نسبة الفواكه والخضراوات المستهلكة محليًا التي تُنتج من خلال الزراعة العمودية والزراعة المائية.
تؤدي شراكات بين القطاعين العام والخاص دورًا مهمًا في مثل هذه التطورات. فالمبادرات مثل تحدي FoodTech، وهو مسابقة للأمن الغذائي أطلقتها الحكومة الإماراتية في عام 2019 وتمنح جوائز نقدية، وحوافز للشركات الناشئة، ومنح للابتكار لأكثر حلول الزراعة ابتكارًا، يمكن أن تساعد في دفع التقنيات الواعدة إلى الأمام. ويتم الآن اختبار كثير من التقنيات الفائزة في الشرق الأوسط وما بعده، مثل اعتماد تقنيات البلوك تشين لدعم سلسلة إمداد زراعية سلسة.
الأفراد: دعم الخيارات المستدامة
تقع مسؤولية الأمن الغذائي على عاتقنا جميعًا. يُقدّر أن ثلث الغذاء المنتج عالميًا يُفقد أو يُهدر طوال دورة حياته، مما يصل إلى حوالي 1.3 مليار طن سنويًا بقيمة تقارب تريليون دولار. ويمكن للمستهلكين أن يساهموا بشكل كبير في منع هدر الطعام يوميًا من خلال اتخاذ خيارات واعية. ويشمل ذلك الاستهلاك المدروس واختيار شراء السلع المنتجة محليًا، وتقليل الفاقد في المنزل، إضافة إلى الدعوة للممارسات المستدامة للمساعدة في نشر الوعي.
في كثير من الدول، تُدعم مثل هذه الجهود من قبل الحكومات أو المنظمات غير الحكومية. وتهدف مبادرة نعمة، وهي المبادرة الوطنية لفقدان وهدر الطعام في الإمارات العربية المتحدة، إلى تقليص هدر الطعام في البلاد إلى النصف بحلول عام 2030. فمن خلال الشراكة مع منظمات بارزة في النظام البيئي المحلي، تعمل نعمة على زيادة الوعي حول دور المساهمات الفردية في تعزيز الأمن الغذائي على نطاق أوسع وتقدم مشاريع تدعم هذا الهدف.
في نهاية المطاف، يتطلب إنشاء نظام غذائي عالمي أكثر مرونة نهجًا شاملًا يشارك فيه كثير من الأطراف. ومن خلال التعاون وتنسيق الجهود لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم الأمن الغذائي، يمكن للحكومات والقطاع الخاص والأفراد اتخاذ خطوات ملموسة نحو عالم يتمكن فيه الجميع من الوصول إلى غذاء آمن ومغذٍ.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر