أميركا والنموذج الاقتصادي الصيني | مركز سمت للدراسات

أميركا والنموذج الاقتصادي الصيني

التاريخ والوقت : الخميس, 25 يناير 2024

عبد العظيم محمود حنفي

على إثر الأزمة المالية التي اجتاحت العالم في شهر سبتمبر 2008 عندما تعرض بنك ليمان براذرز في الولايات المتحدة للإفلاس، وما أعقب ذلك من تطورات أسفرت عن اندلاع أزمة عالمية خطرة وقتها. ساد الشك في النموذج الاقتصادي الأمريكي، ووجهت الأنظار إلى نهضة الصين، حيث مئات الملايين من المواطنين الفقراء للغاية في الصين ينضمون إلى الاقتصاد العالمي، ويصبحون أكثر ثراء. رغم اختلاف النموذج الاقتصادي الصيني عن الأميركي. فقد أصبحت هذه الفكرة مغرية على نحو خاص في الوقت الذي يساور فيه الكثير من الأميركيين، في اليمين واليسار، شكوك بشأن كفاءة حكومتهم. وفي المقابل وجدنا الكثيرين، ولا سيما بين النخبة السياسية وداخل قطاع الأعمال الأميركي معجبين بكفاءة النموذج الرأسمالي المعتمد على سيطرة الدولة داخل الصين. وفي الواقع بعد أزمة عام 2008 وجدنا اتجاهاً فكرياً رائجاً، مثلما أشار ستيفان هالبر وايان برمر وآخرون، يشير إلى أنه في أعقاب الأزمة المالية العالمية يمكن أن يحل النموذج الاقتصادي الصيني محل النموذج الأميركي.

وانبرت أقلام اقتصادية أميركية اعتبرت ذلك خطأ فادحاً. وقالت إنه قد يكون للاقتصاد المركزي مهارة في إخراج المجتمعات من الفقر الزراعي ودفعها إلى العصر الصناعي، ولا سيما عندما تكون التقنية اللازمة لذلك تم اختراعها في أماكن أخرى. ولنتذكر أنه في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات بدا القالب السوفييتي قابلاً للبقاء لهذا السبب على وجه التحديد. وذكروا الأميركيين بما كتبه المؤرخ الاقتصادي جويل موكير: «غياب المنافسة السياسية لم يعنِ أن التقدم التقني لا يمكن حدوثه، ولكنه كان يعني أن صناع السياسية يمكن أن يوجّهوا إليه ضربة قاضية».

ولم يقتصر الأمر على التشكيك في النظام الاقتصادي الأمريكي، بل ساد اتجاه فكري يرى أنه مع اندلاع تلك الأزمة «انتهي علم الاقتصاد، وعبر عن ذلك الكاتب الأمريكي ذائع الصيت «فريد زكريا». في مقاله بالفورين بوليسي بعنوان «نهاية علم الاقتصاد»، قال فيه: «في العقود الثلاثة التي تلت نهاية الحرب الباردة، تمتع الاقتصاد بنوع من الهيمنة الفكرية. في تلك الفترة التي تلت نهاية الحرب الباردة، وتزايدت سيطرة الاقتصاد بنوع من الهيمنة الفكرية على مجريات السياسات العالمية. لقد أصبح الأول بين متساوين في العلوم الاجتماعية وهيمن على معظم جداول أعمال السياسة كذلك».

ورأي زكريا أن قليلاً من الاقتصاديين رأوا الأزمة المالية عام 2008 قادمة. ورأى أن الأهم من ذلك هو إغفال المجال لإمكانية حدوث إخفاقات كارثية في اقتصاد السوق. «لم يكن فريد زكريا هو الشخص الوحيد الذي أدلى بهذه الملاحظة. حيث اعترف «ألان جرينسبان»، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وقتها، بأن «الصرح الفكري كله انهار في صيف عام 2008». في حين قال «هيربرت سيمون»، أحد العلماء القلائل الذين برعوا في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية: إن العلوم الاجتماعية تختلف عن العلوم الصعبة لأن موضوعات دراستنا تفكر، بينما نحاول فهم العالم خلال العقود الثلاثة المقبلة. سنحتاج بشدة إلى الاقتصاد، ولكن أيضاً إلى العلوم السياسية وعلم الاجتماع وعلم النفس، وربما حتى الأدب والفلسفة. وكما قال إيمانويل كانت: «من عود البشرية الأعوج لم يصنع أبداً شيء مستقيم».

وردّ الخبير الاقتصادي لورنس سامرز وهو رئيس سابق لجامعة هارفارد ووزير خزانة من 1999 إلى 2001 ومستشار اقتصادي سابق للرئيس أوباما على مقال فريد زكريا بمقال في صحيفة الواشنطن بوست، قال فيه: «يتجاهل فريد أجزاء مهمة في التفكير الاقتصادي، ويعرض حججاً واهية، ولا يقدم بديلاً معتبراً للمناهج الاقتصادية في السياسة الحكومية».

المصدر: الخليج

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر