قد يؤدي تغير المناخ إلى نهاية الشوكولاتة | مركز سمت للدراسات

قد يؤدي تغير المناخ إلى نهاية الشوكولاتة كما نعرفها

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 21 مايو 2024

Yasmin Tayag

الشوكولاتة الجيدة، كما تعلم، يجب أن تكون غنية بطعم الكاكاو، وهو مزيج متوازن من المرارة والحلاوة، مع نكهات الفواكه والمكسرات والتوابل. لكن حلوى الشوكولاتة المفضلة لدي ليست كذلك. إنها Cadbury Creme Egg، وهي قشرة بيضاوية من الشوكولاتة بالحليب التي تخفي في داخلها الفوندان اللزج.

معظم الشوكولاتة المشهورة هي اللبنية، والسكرية، والخفيفة في الكاكاو الفعلي. الكثير من الحلويات السكرية تحتوي على كمية قليلة جدًا من الكاكاو لدرجة أنها بالكاد تُذكر؛ لأنها تلبي رغبتنا في الشوكولاتة بينما تكلف جزءًا بسيطًا من سعر لوح أسود داكن مصنوع من كاكاو ذي منشأ واحد.

لكن الشوكولاتة لم تعد اقتصادية كما كانت من قبل. فقد ارتفعت أسعار التجزئة للشوكولاتة بنسبة 10 في المئة فقط في العام الماضي. والآن هذا هو العام الثالث على التوالي من محاصيل الكاكاو السيئة في غرب إفريقيا، حيث يُزرع معظم كاكاو العالم. في أواخر الشهر الماضي، وبسبب مخاوف من تفاقم النقص، ارتفعت أسعار الكاكاو إلى أكثر من 10 آلاف دولار أميركي للطن المتري، بعد أن كانت حوالي 4 آلاف دولار أميركي في يناير. لتحمل التكاليف، تستعد شركات الشوكولاتة لزيادة أسعار منتجاتها في الأشهر المقبلة. وقد لا تنخفض الأسعار بعد ذلك. وربما لن نجد الشوكولاتة كما نعرفها أبدًا.

قالت “لي صوفيا كارودينوتو”، عالمة البيئة في جامعة فيكتوريا بكندا: “إن الشوكولاتة تواجه مشاكل متزايدة منذ سنوات”. المزارعون الذين يزرعونها يتقاضون أجورًا منخفضة باستمرار. وأشجار الكاكاو – التي تحتوي ثمارها على حبوب يتم تخميرها وتحميصها لصنع الشوكولاتة – صعبة الزراعة، ولا تزدهر إلا في ظروف معينة. قبل عقد من الزمان، حذرت عمالقة صناعة الشوكولاتة من أن إمدادات الكاكاو، التي كانت تواجه تحديات بيئية بالفعل، لن تكون قادرة قريبًا على مواكبة الطلب المتزايد. وأضافت “كارودينوتو”: “لكن ما نراه الآن هو نوع من الانفجار في صعوبات المحصول”.

أبسط تفسير لنقص الكاكاو المستمر هو الطقس القاسي، الذي تفاقم بسبب تغير المناخ. الظروف شديدة الحرارة والجفاف في غرب إفريقيا، التي يُعزى جزء منها إلى ظاهرة النينيو (El Niño) الحالية، أدت إلى تقليل المحاصيل. والأمطار الغزيرة بشكل غير معتاد أوجدت ظروفًا مواتية لمرض القرنة السوداء، الذي يتسبب في تعفن قرون الكاكاو على الأغصان. كل هذا حدث في الوقت الذي ينتشر فيه فيروس الورقة المنتفخة، القاتل لنباتات الكاكاو، بشكل أسرع في مناطق زراعة الكاكاو. من المتوقع أن ينخفض الإنتاج العالمي للكاكاو بنحو 11 في المئة هذا الموسم، وفقًا لتقرير “رويترز”.

انخفضت الإمدادات وارتفعت الأسعار، كان المزارعون يتحفزون لزرع المزيد من الكاكاو، مما أدى إلى زيادة في الإمدادات بعد خمس سنوات، عندما بدأت الأشجار الجديدة في إنتاج الثمار. بالفعل، بعض المزارعين في غرب إفريقيا يتسابقون الآن لزرع أشجار جديدة. لكنهم قد لا يتمكنون من الزراعة للتغلب على نقص الكاكاو في المستقبل. قال “لي ديبنهم”: “تغير المناخ هو بالتأكيد تحدٍ”؛ لأنه سيجعل هطول الأمطار أقل قابلية للتنبؤ، وهو ما يمثل مشكلة لأشجار الكاكاو الحساسة للرطوبة. علاوة على ذلك، فإن ارتفاع درجات الحرارة وتكرار الجفاف سيجعلان بعض مناطق زراعة الكاكاو غير صالحة للاستخدام.

تغير المناخ ليس المشكلة الوحيدة. فوفقًا لـ”ديبنهم” فإن محاصيل الكاكاو في كوت ديفوار وغانا، حيث يأتي 60 في المئة من كاكاو العالم، قد تكون بالفعل في “تدهور هيكلي”، مشيرًا إلى الأمراض وشيخوخة أشجار الكاكاو والتعدين غير القانوني للذهب في الأراضي الزراعية. وأهم من ذلك، أن المزارعين الذين يعتنون بالمحاصيل لا يستطيعون تحمل تكاليف الاستثمار في مزارعهم لزيادة إنتاجيتهم وتعزيز مقاومتهم لتغير المناخ. النظرة القاتمة لمزارعي الكاكاو تهدد بالقضاء على زراعة الكاكاو في المنطقة تمامًا. في غانا، متوسط عمر مزارع الكاكاو يقارب 50 عامًا. وهناك حاجة إلى جيل جديد من المزارعين للحفاظ على إمدادات الكاكاو، لكن الشباب قد يبتعدون عن هذه الصناعة.

بغض النظر عن كيفية النظر إلى الأمر، فإن مستقبل الكاكاو لا يبدو مبشرًا. مع توفر كمية أقل من الكاكاو في كل مكان، قد تصبح الشوكولاتة أكثر تكلفة. بالنسبة للعلامات التجارية الفاخرة للشوكولاتة التي تستخدم الكثير من الكاكاو في منتجاتها، فإن الزيادات الأخيرة في الأسعار تشكل تهديدًا وجوديًا. توقعت شركة باري كاليبو أن الشركات التي تزودها بالكاكاو سترفع أسعار الشوكولاتة بنسبة تصل إلى 8 في المئة في الأشهر القليلة المقبلة. ونظرًا لأن الشركات تشتري الحبوب مقدمًا، سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تعكس أسعار التجزئة النقص الحالي، لذا من المحتمل حدوث زيادات أخرى.

عندما ترتفع أسعار الكاكاو، تبدأ الشركات في تقليل أحجام الألواح وإضافة بدائل مثل الفواكه والمكسرات لتقليل كمية الكاكاو المستخدمة. يقول “ديبنهم”: ” سيلجؤون إلى مختلف الوسائل للحفاظ على مستويات الاستهلاك”. على سبيل المثال، بيضة كادبوري بالكريمة التي أحبها أصبحت أصغر بشكل ملحوظ مما كانت عليه. الآن، كما لاحظت بلومبيرغ، تروج الشركات للحلويات التي تحتوي على شوكولاتة أقل، مثل كوب ريس كراميل الكبير من شركة هيرشي، أو الحلويات التي لا تحتوي على شوكولاتة على الإطلاق، مثل حلوى الجيلي.

نقص الكاكاو سيؤثر على جميع أنواع الشوكولاتة، ولكن الحلويات المنتجة بكميات كبيرة قد تتغير بطرق تتجاوز مجرد الأسعار. ويمكن أن تؤدي درجات الحرارة المتقلبة الناتجة عن تغير المناخ إلى تغيير نكهة الحبوب، بحسب المكان الذي تُزرع فيه. والتباين هو مصدر قلق لمصنعي الشوكولاتة التجارية، الذين يحتاجون إلى الحفاظ على نكهات متسقة عبر منتجاتهم. قد يتغلبون على التناقضات بين دفعات الحبوب المختلفة عن طريق خلطها، ثم تحميصها عند درجة حرارة أعلى، كما أخبرني “جوني درين”، خبير علوم الأغذية والمؤسس المشارك لعلامة الشوكولاتة الخالية من الكاكاو Win-Win””. يمكن لهذا الإجراء أن يزيل الصفات غير المرغوب فيها، ولكنه قد يزيل أيضًا الصفات المرغوب فيها، مما يؤدي إلى نكهة أقل بشكل عام. حتى لو كان الـM&M يحتوي على كمية ضئيلة من الشوكولاتة الفعلية، فقد يلاحظ المستهلك القديم تغيرًا في النكهة.

قد يقوم صانعو الشوكولاتة التجارية أيضًا بتعديل وصفاتهم لتعزيز أو تقليد نكهات الشوكولاتة دون استخدام المزيد من الكاكاو. هذه الحلويات تحتوي بالفعل على كمية قليلة نسبيًا من الكاكاو؛ إذ يجب أن يكون 10 في المئة فقط من وزن المنتج كاكاو ليتم اعتباره شوكولاتة في نظر إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA). يستخدم البعض بالفعل مكونات شبيهة بالشوكولاتة مثل مكافئات زبدة الكاكاو، ومُطَوِّلات الكاكاو، والنكهات الاصطناعية للكاكاو. في بعض الحالات تكون التبديلات ملحوظة، فقد أشارت مجلة “Bon Apetite” في عام 2016، إلى أن استخدام Cadbury لمادة مالئة مستحلبة لتقليل كمية زبدة الكاكاو في ألواح Caramello، قلل من “الكريمة الغنية للمنتج الأصلي”.

قد توفر بدائل الشوكولاتة الأحدث تقليدات أكثر إرضاءً. “Win-Win” ليست الشركة الناشئة الوحيدة التي تنتج شوكولاتة خالية من الكاكاو، والتي تشبه في مفهومها اللحوم النباتية. تستخدم الشركة مكونات نباتية لمحاكاة نكهة وملمس الشوكولاتة، وكذلك تفعل منافساتها “Foreverland” و”Voyage Foods”. شركة أخرى، “California Cultured”، تزرع خلايا الكاكاو الفعلية في خزانات فولاذية ضخمة.

تُعدّ الشوكولاتة الخالية من الكاكاو أغلى بكثير حاليًا من الشوكولاتة التقليدية، لكن “درين” يأمل أن تصبح في النهاية “أقل تكلفة من أرخص أنواع الشوكولاتة المتاحة”. في تلك المرحلة، قال إنه من المحتمل أن تجد مكانها في أدنى مستويات السوق، حيث تؤدي الشوكولاتة دورًا ثانويًا بدلاً من دور أساسي. على سبيل المثال، يمكن استخدامها في الآيس كريم المغطى بالشوكولاتة أو ألواح الجرانولا برقائق الشوكولاتة. يُستخدم مصطلح “بطعم الشوكولاتة” أو “شوكولاتية” لوصف بعض هذه المنتجات، بدلاً من استخدام مصطلح “شوكولاتة” الذي له تعريف محدد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية .(FDA)

ومع ذلك، فإن التغيير يكون دائمًا صعبًا. فجزء كبير من جاذبية الشوكولاتة الرخيصة يكمن في وجودها الدائم، سواء كانت في شكل قبلات هيرشي، أو بسكويت أوريو، أو وعاء من حبوب الكاكاو المنتفخة، أو قشرة بيضة مليئة بالفوندان. قال “كارودينوتو”: “ترتبط هذه النكهات بذاكرة الطفولة. لا ندرك مدى انتشارها إلا عندما تتغير”. لقد تحمل عشاق الشوكولاتة تغييرات بسيطة على هذه الحلويات على مر السنين، لكن التغييرات التي تحدث اليوم قد تكون أكثر صعوبة في قبولها، أو على الأقل أكثر وضوحًا. التغيير الواضح هو أن الشوكولاتة الرخيصة لم تعد رخيصة كما كانت.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: The Atlantic

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر