نشر مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية قبل 11 يوماً، دراسة عنوانها «أطماع إيران.. لماذا القارة السمراء؟!»، تناولت تغلغل إيران في إفريقيا ودوافعها من ذلك، وهو موضوع تناولته في عدة مقالات فائتة إلى جانب لقاء أجريته لصفحة «ضفاف الخليج» مع الباحثة في الشؤون الإفريقية-الإماراتية أمينة العريمي، أعدّه ثرياً لما زودتنا به من معلومات ضخمة ومخيفة حول الدور الإيراني في إفريقيا، وهي أمور كانت خافية عنا في الخليج العربي.

تناولت الدراسة حديثاً اهتمام طهران بـ«بناء جسور التعاون الاقتصادي في سياستها الخارجية مع الدول الإفريقية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، كاستحداث مصنع إيران خودرو للسيارات في السنغال في 2007، والذي يعد المصنع الأول من نوعه في السنغال، وإبرام اتفاقيات بينها وبين إثيوبيا في مجالي الغاز والزراعة، وبناء محطات نووية في كينيا، وإبرام اتفاقيات تعاون معها في مجال الزراعة والمعدات والطاقة، وإبرام اتفاقيات في مجال النفط مع أنغولا وجنوب إفريقيا». ووقفت الدراسة على مقدرات القارة الإفريقية التي أسالت اللعاب الإيراني، مشيرةً إلى «خام اليورانيوم القليل نسبياً في الأراضي الإيرانية»، بينما تعد جمهورية النيجر رابع دولة على مستوى العالم من حيث المخزون الاحتياطي لخام اليورانيوم» بما يمكن إيران من تجنب الرقابة والعقوبات الدولية المفروضة عليها.

اللافت في ختام الدراسة أمور قد لا أتفق معها كلها، إذ يبدو أن الدراسة لم تغطِ المستجدات على الساحة بما يكفي، فالحديث عن «استمرار حالة الغيبوبة العربية»، وحصر الجهود العربية في إطار «حماية النظام السياسي من الانهيار، والحفاظ عند الحد الأدنى على تأمين الحدود المباشرة مع جيرانها»، تجاهل التحرك الخليجي الجاد في الآونة الأخيرة نحو بناء علاقات مثمرة مع الدول الإفريقية، وأدعو هنا إلى الاطلاع على دراسة «اتفاق إثيوبيا وإريتريا.. نجاح سعودي–إماراتي ومكاسب إفريقية» التي نشرها مركز سمت للدراسات بتاريخ 17 سبتمبر 2018. من جهة أخرى.. فإن الحديث عن الحلول المقترحة لمواجهة المد الإيراني في القرن الإفريقي تناولت «دعم جهود دول التحالف العربي» للحد من خطرها لاسيما دبلوماسياً، و«وضع خطة شاملة للتصدي للإيديولوجية الإيرانية، بالإضافة للجانب الأمني والعسكري»، و«دفع إيران إلى احترام الشرعية الدولية»، وأتساءل ونحن في خضم الحديث عن العقوبات الأمريكية على طهران لماذا لم يتم التطرق لأهمية دعمها دولياً أو حتى تقييم جدواها.