يوم وطني للمرأة السعودية | مركز سمت للدراسات

يوم وطني للمرأة السعودية

التاريخ والوقت : السبت, 30 سبتمبر 2017

مشاعل الرشيد

أصدر الملك سلمان – حفظه الله – أمرًا ساميًا بتاريخ 6 محرم 1439هـ، الموافق 26 سبتمبر 2017م، يسمح للمرأة بقيادة سيارتها في السعودية بعدما كان ذلك محظورًا. هذا القرار التاريخي أسعد النساء السعوديات، وأدخل إعلان الخبر على شاشات التلفاز، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، البهجة والسرور في قلوبهن، فكان بمثابة يوم وطني لهن، ويوم مميز مليء بالفرح والسعادة، لا يمكن نسيانه على مرِّ الزمن. فقد أتى الأمر السامي استجابة لمطالبات النساء المكثفة – منذ سنوات – بالسماح لهن بالقيادة، والتماسًا لحاجتهن المتزايدة لقيادة سياراتهن، وإدراكًا حقيقيًا للضرورة المتنامية في المجال الاقتصادي، والاجتماعي، والعلمي، والصحي، والمهني، عدا كونه حقًا إنسانيًا مباحًا – شرعًا – يحتاج فقط للسماح به إلى إرادة سياسية حاسمة، وتنظيم قانوني فعَّال، وتهييئ اجتماعي.

قيادة المرأة لسيارتها تسهل تنقلها من مكان لآخر، وتذلل الصعاب أمامها، وتساهم في تعزيز مشاركتها الاقتصادية، وتفعيل دورها في المجتمع دون اضطرارها للاستعانة بسائق أجنبي، أو انتظار من يستطيع إيصالها من رجال الأسرة للعمل، أو الجامعة، أو المستشفى، أو المؤسسة، بشكل يومي. فكم من امرأة حُرمت من التعلم، أو العمل، أو الذهاب لمواعيد مهمة في المستشفى، أو قضاء حاجياتها لعدم توفر سائق، أو وسيلة نقل آمنة. وكم من أموال هُدرت، وتكاليف كُبِّدت لاستقدام سائقين أجانب. وكم من مصاريف متزايدة حملت من رسوم استقدام، وتجديد إقامة، وتكاليف معيشة، وتكاليف سكن، ورواتب شهرية يصل متوسطها إلى 1500 ريال، قد تستهلك نصف راتب المرأة العاملة، أو أكثر أحيانًا؛ مما يعيق عملها، ويدفعها للعزوف عن العمل طالما معظم راتبها يذهب للنقل. بالإضافة إلى تمرد بعض السائقين، نظرًا لارتفاع الطلب عليهم، ومطالبتهم برفع رواتبهم أو ترك العمل؛ مما يشكل تهديدًا لمعظم النساء، وأداة ضغط تؤرقهن. لقد بلغ عدد السائقين الأجانب في السعودية، وفق تقرير الهيئة العامة للإحصاء في الربع الأول من عام 2017م، (1,376,096) سائقًا أجنبيًا. وإذا حسبنا متوسط راتب السائق الأجنبي بـ 1500 ريال، فذلك يعني أن 2,064,144,000 مليار ريال تدفع شهريًا كرواتب لهم، وتُحوَّل معظمها للخارج؛ مما يضر الاقتصاد الوطني، فكيف لو أضفنا لهذا المبلغ الضخم رسوم الاستقدام، وتجديد الإقامة، والمصاريف الأخرى، لكان المبلغ أكبر بكثير. وتلجأ بعض من النساء لاستخدام تطبيقات، مثل: أوبر، وكريم، أو سيارات الأجرة للذهاب للجامعة، أو العمل، أو قضاء حاجة مهمة؛ مما يزيد معاناتهن بشكل يومي، ويعرضهن للمخاطر.

والجدير ذكره، أن معدل مشاركة النساء الاقتصادية لا تتجاوز 17,4%، بينما تبلغ مشاركة الرجال 61,9%؛ مما يشكل فارقًا كبيرًا وملحوظًا. وتبلغ نسبة بطالة السعوديين 12,7%، وتشكل نسبة بطالة النساء 33%، أي 687,535 مواطنة تبحث عن العمل، وفقًا لتقرير الهيئة العامة للإحصاء في الربع الأول من عام 2017م. وهو ما يعني أن البطالة في حقيقتها نسائية، ولا شك أن عدد النساء المتعطلات عن العمل كبير، وفي ازدياد مستمر. وتهدف رؤية المملكة 2030 إلى زيادة نسبة النساء العاملات في القطاع الحكومي من 39,8% إلى 42%، وزيادة نسبة النساء في المناصب العليا (المرتبة 11 وما فوق) من 1,27% إلى 5% بحلول 2020م. كما تهدف إلى خلق 1200 فرصة عمل مناسبة للسعوديين والسعوديات في القطاع الخاص، ورفع نسبة القوى العاملة النسائية من 23% إلى 28% بحلول 2020م، وذلك يستدعي دعم المرأة بإيجاد حلول جذرية تقضي على التحديات التي تعيق عملها، وأبرزها: النقل. ولا شك أن مساعدة المرأة لتصبح قائدة لسيارتها، يحمل مضمونًا أكبر، وهدفًا أهم لتمكينها من قيادة حياتها، فتصبح قادرة على إدارة أعمالها بسهولة؛ مما يرفع حسَّ المسؤولية لديها، ويدعم تقدمها في شتى الميادين، ويزيد من قدرتها على الاعتماد على نفسها، ويخلق فرص عمل متساوية للجنسين، تشعرها بالأمان والرضا لعدم وجود تمييز بينها وبين شقيقها الرجل في المواطنة من ناحية الفرص، والأنظمة، والقوانين، فتُعامل كمواطنة كاملة الأهلية بمنحها الثقة الكاملة، وفتح المجالات أمامها للتعلم، والعمل، والإنتاج كمكون أساسي للمجتمع، حيث تشكل النساء ما نسبته 49% من المجتمع، ولا بد أن يكون لهن دور فاعل في تنميته.

المرأة السعودية أثبتت جدارتها، وحققت إنجازات عظيمة في مختلف المجالات، بالرغم من المعوقات والقيود الاجتماعية، مما يثبت جديتها، ويعكس رغبتها في المساهمة في دفع عجلة التنمية، وهي مستعدة لتقديم المزيد والمزيد لوطنها ومجتمعها، فلا سقف لطموحاتها. ولا شك أن ثقة القيادة بها من خلال تعديل الأنظمة والقوانين التي تعيق تقدمها، وتخلق تمييزًا غير مقبول بينها وبين شقيقها الرجل، وتشجيعها على المشاركة في الحياة العامة، ودعم المجتمع لها بمنحها الثقة التامة، وتحفيزها على العمل، سيزيد من إصرارها، ويرفع من مساهمتها في التعليم، والصحة، والاقتصاد، والتجارة، والقانون، والصناعة، والثقافة، وجميع المجالات في وطن واحد يتسع للجميع، نساء ورجالاً.

مديرة تطوير الأعمال في مكتب تحقيق الرؤية بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية*

@meshaael

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر