محمد بن سلمان وليًا للعهد.. إدراك اللحظة الفارقة | مركز سمت للدراسات

محمد بن سلمان وليًا للعهد.. إدراك اللحظة الفارقة

التاريخ والوقت : السبت, 24 يونيو 2017

عبدالرحمن كمال

 

من الملاحظات الاجتماعية أن للتاريخ دورة وتسلسلاً، فهو تارة يسجل للأمة مآثر عظيمة ومفاخر كريمة، وتارة أخرى يلقي عليها دثارها، ليسلمها إلى نومها العميق. فإذا ما أخذنا هذه الملاحظة في الاعتبار، تحتم علينا في حل مشكلاتنا الاجتماعية أن ننظر مكاننا من دورة التاريخ، وأن ندرك أوضاعنا، وما يعترينا من عوامل الانحطاط وما تنطوي عليه من أسباب التقدم، فإذا ما حددنا مكاننا من دورة التاريخ، سهل علينا أن نعرف عوامل النهضة أو السقوط في حياتنا.

ولعل أعظم الأخطاء التي يقع فيها القادة، أنهم يسقطون من حسابهم هذه الملاحظة الاجتماعية، ومن هنا تبدأ الكارثة، ويخرج القطار عن مساره حيث يسير متخبطًا بعشوائية.

من هنا، كان إدراك تلك النقطة، التي نبدأ منها تاريخنا، تمثل اللحظة الفارقة في حياة الأمة، وسرعة التجاوب معها وإدراكها يعد عاملاً أساسيًا للاستقرار والدفع بالأمة نحو التقدم.

وفي حالتنا وظروفنا التي تعيشها دول المنطقة، تمثلت هذه اللحظة في بزوغ عامل الشباب وتفوقه في التغلب على كلاسيكيات السياسة التقليدية، وكان الحل الوحيد للتجاوب مع هذه اللحظة، هو فهم عقليات أولئك الشباب وإسناد مهمات الحكم إليهم بشكل تدريجي وسريع في آن واحد.

وكانت خطوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتعيين الأمير الشاب محمد بن سلمان وليًا للعهد، هي التجاوب الذي أدرك اللحظة الفارقة في عمر المملكة ( أكثر من 60% من سكان المملكة شباب دون سن الثلاثين)، وهي خطوة يمكن أن نعدها دليلاً دامغًا على متانة ورزانة نظام وحكم الملك سلمان. فالقاعدة السياسية تقول إن قوة النظام السياسي الحقيقية تظهر في مدى قدرته على ترتيب الحكم عند تغيير المراكز، وهو ما فعله الملك سلمان أكثر من مرة.

اللافت للنظر في عملية التغيير الأخيرة، أنها مرت كأنها لم تحدث، من فرط الهدوء الذي صاحبها على الصعيدين الرسمي والشعبي، وهو أمر لم نعتده في المنطقة ودولها التي لا يحدث فيها تغيير لسلم الحكم الداخلي إلا عبر تدخل خارجي أو تمرد داخلي، وإن كان الأمر ليس جديدًا على المملكة التي عاصرت 5 ولاة للعهد في 7 سنوات، وجميعها مر عبر قواعد وأسس لم يختلف عليها أحد في المملكة، وبنفس الهدوء المعتاد.

إن تعيين الأمير الشاب وليًا للعهد، جاء تأكيدًا لكل نظريات العلوم الاجتماعية القائلة بحتمية التغيير، والأهم أنها جاءت في الوقت المناسب. والمثير للانتباه أنها تتماشى مع الحركة السياسية السائدة عالميًا التي يقودها الشباب، ما يعني أن نظام الحكم في المملكة لا يعيش بمعزل عما يدور حوله من متغيرات عالمية، بل يسايرها ويتفهم واجباته التي يفترض به أن يقوم بها من أجل اللحاق بركب التقدم والتطور والتغيير.

والتغيير ليس سمة العصر الحالي، بل هو سنة كونية وناموس بشري تاريخي، ويؤكد ابن خلدون أن التغيير سمة ثابتة من سنن العمران البشري ولازمة أساسية من لوازمه ولا يحصل تطور الأفراد والمجتمعات والدول إلا بها حيث يقول: “إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار، فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول”.

إذًا، كانت الخطوة مطلبًا اجتماعيًا وسياسيًا وضرورة تاريخية وسنة كونية، وهي في نفس الوقت تلقي بجبال من المسؤولية على الأمير الشاب، الذي تنعقد عليه آمال وطموحات كبيرة، ليست في المملكة فحسب، بل في الخليج والمنطقة بأسرها. ومن هنا كانت كلمات ولي العهد السابق محمد بن نايف هي الأصدق، حين قال لولي العهد الشاب: “أنا برتاح الحين.. الله يعينك”.

المهمة ثقيلة ولا يجب التقليل منها مطلقًا، والأمير محمد بن سلمان هو المهندس الحقيقي لبرنامج الإصلاح الداخلي في برنامج الرؤية 2030 الذي تعمل عليه السعودية وفق برنامج وخطط محددة، ولديه من الممارسات السياسية والاقتصادية والتجربة في الحكم والإدارة ما يعينه على تلك المهمة، ما يعني أن الرجل المناسب جاء في المكان المناسب.. والأهم في الوقت المناسب.

كاتب وصحافي مصري*

@A_RaHMaN_14

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر