تعزيز المرونة المناخية لإفريقيا | مركز سمت للدراسات

تعزيز المرونة المناخية لإفريقيا

التاريخ والوقت : الإثنين, 17 ديسمبر 2018

كارلوس لوبيز

 

بحلول عام 2020، ستكون قارة إفريقيا قد أنفقت ما بين 7 و15 مليار دولار من أجل التكيف مع تغير المناخ، إذ قد يصل الرقم إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2050؛ وهو ما يجعل هناك إمكانية أفضل لإدارة عملية التكيف.

ويمكن البدء في عملية مناهضة التغير مع إعادة التشكيل خلال قمة العشرين التي انتهت أخيرًا بالأرجنتين، وأعقبها الاتفاق الإطاري بشأن تغير المناخ الصادر عن الأمم المتحدة في مدينة “كاتوفيتشي” ببولندا. لكن السؤال هنا: هل سيكون بمقدورهم الاستجابة للرغبات الجماعية؟

ومهما يكن الجواب، فإن العواقب ستكون أكثر حدة في القارة الإفريقية، وهو ما يعني أن الأفارقة يجب أن يكونوا مستعدين لأية نتيجة. ففي شهر أكتوبر الماضي، أصدرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تقريرًا شاملاً يوضح أن الأنشطة الصناعية حول العالم، قد أدت إلى زيادة درجة حرارة الأرض بمقدار درجة مئوية واحدة عن مستواها في فترة ما قبل الثورة الصناعية، وأن أية زيادات إضافية ستفرض المزيد من التكاليف. فعلى سبيل المثال نجد أنه بحلول 2020، ستكون القارة الإفريقية قد أنفقت ما بين 7 و15 مليار دولار سنويًا للتكيف مع التغير المناخي، وحتى إذا ظل الاحتباس الحراري تحت درجتين مئويتين، فمن المتوقع أن ترتفع تكاليف ذلك إلى 50 مليار دولار، ذلك أن تأثيرات تغير المناخ تطول كل شيء حتى المياه. كذلك، فإن دول منطقة الساحل والصحراء، من المتوقع أن تعاني من فجوة في الناتج المحلي الإجمالي تصل لـ6% لكل منها في العقود القادمة نتيجة الضغط على المياه المرتبط بالتغير المناخي.

وبعبارة أخرى، ينبغي على العالم أن يحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، كما أنه من المتعين على الأفارقة التكيف مع الاضطرابات المناخية التي تتكشف حقيقة، إذ يكشف الواقع عن صعوبة تطبيق ذلك فعليًا.

لقد كشف تقريرٌ صادرٌ في أغسطس من اللجنة العالمية حول الاقتصاد والمناخ، أنه في حالة انتقال العالم نحو “اقتصاد منخفض الكربون” عن طريق التخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري، ووقف عمليات حرق وإزالة الغابات، وقيادة المزيد من السيارات الكهربائية، فإنه يمكن إضافة نحو 26 تريليون دولار أميركي إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030. كما يمكن أن يؤدي العمل المناخي الطموح إلى خلق أكثر من 56 مليون فرصة عمل جديدة، والتصدي لـ700 ألف حالة وفاة ناتجة عن تلوث الهواء سنويًا، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع مشاركة النساء في الحياة العامة.  ومع وجود أكثر من 450 مليون عامل، فإن أفضل الطرق للقيام بذلك يكمن في نمو المساحات الخضراء؛ وهو ما يتوازى مع تطوير أنماط الزراعة التقليدية، التي تمثل فرصة عمل لنحو 60% من حجم العمالة في القارة، لكن بعضها بات مُعرضًا لمخاطر الجفاف والصدمات المناخية الأخرى.

ربما تُبدي بعض المجتمعات قدرة على التكيف مع التغير المناخي؛ ففي أوغندا – على سبيل المثال – يستخدم 270 مزارعًا من أصحاب الحيازات الصغيرة طائرات بدون طيار لاستخدام الماء والأسمدة والمبيدات بشكل أكثر دقة. وقد أدى ذلك المشروع الذي أطلق عام 2015 بدعم من شركة “تيكنو سيرف” TechnoServeومؤسسة “بيل آند ميليندا جيتس” Bill & Melinda Gates، إلى انخفاض بنسبة 60% من استخدامات المبيدات مع زيادة في الإنتاجية بنسبة تصل إلى 100%. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع الدخل للمزارع بمعدل 2.150 دولارًا أميركيًا، مما يدل على أن تغيير الإنتاجية والحفاظ على الموارد يمكن أن يعزز قدرة المزارعين على التكيف في أشد الظروف قسوة.

وبالتالي، فإن ثمة حاجة إلى الابتكار في المدن الإفريقية؛ فبحلول عام 2050 سيتضاعف عدد سكان الحضر في إفريقيا، ليصل إلى 2.4 مليار نسمة، لكن عزل هذه المجتمعات عن الاضطرابات المناخية لن يكون أمرًا سهلاً بسبب البنية التحتية التي ستدعم هذا النمو، وهو ما يفترض أننا في طريقنا لتحقيق التنمية المستدامة و”التنمية المنخفضة الكربون”.

هناك – أيضًا – أمثلة ملهمة في هذا السياق؛ ففي عام 2008، أصبحت “لاجوس” أول مدينة إفريقية تتبنى نظام Bus-Transit Transit ، حيث وصلت تكلفة الشبكة المنخفضة التكاليف لنحو 1.7 مليون دولار أميركي لكل كيلو متر. وبالإضافة حالة الركود التي شهدتها الـ18 شهرًا الأخيرة، وعمليات خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحسين جودة الهواء، فإن نظام النقل الجديد بالمدينة قد شهد – أيضًا – انخفاضًا بمتوسط ​​30% بالإضافة إلى خفض معدلات الأسعار.

وبعد عقود من البحث، فإن العالم أضحى أمام الكثير من المزايا للتنمية الاقتصادية المرتبطة بالنمو منخفض الكربون، إلا أنه لا تزال هناك تقديرات أكبر بالنسبة لتكاليف الفشل في الاستجابة لتحديات التغير المناخي؛ فبفضل التقنيات الجديدة منخفضة التكلفة، فإن الحكومة باتت لديها الأدوات اللازمة لبناء اقتصادات أقوى وأكثر استدامة.

أخيرًا، فإن الملاحظ في غالبية الأحيان، هو غياب القادة القادرين على تبني تلك التوجهات؛ فالمسؤولون ينبغي لهم إعادة الالتزام بمتابعة “النمو الأخضر”، وتوجيه الاستثمارات نحو مشروعات مقاومة للتغير المناخي. لقد أظهر رواد الأعمال في إفريقيا والمسؤولون المحليون عزمهم على القيام بذلك فعلاً، لكن ما يحتاجون إليه – حاليًا – هم قادة عالميون.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: إثيوبيا ريبورتر

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر