العلاقات المجرية الروسية: خطر يواجه أوروبا | مركز سمت للدراسات

العلاقات المجرية الروسية: خطر يواجه أوروبا

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 9 أبريل 2019

غابرييلا جريسيوس

 

مع دخول النزاع بين روسيا وأوكرانيا عامه الخامس، ظهرت دولة أخرى في أوروبا الشرقية على “رادار” الكرملين، وإن كان ذلك من ناحية مختلفة تمامًا، إنها المجر.

لا يعدُّ ذلك الأمر مفاجئًا بالنسبة للكثيرين، فقد شنَّ رئيس الوزراء المجري “فيكتور أوربان” حملةً مناهضةً لأوروبا ومؤيدة لروسيا منذ فترة من الوقت. في حين أن المجر لم ترفض بالكامل كافة القيم الأوروبية، إذ يعارض “أوربان” الهجرة معارضة شديدة، ويتقبل مبادرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدرجة كبيرة.

يقوم الاتحاد الأوروبي باستيراد معظم احتياجاته من الغاز الطبيعي من روسيا. وفي بعض الأحيان تعتمد هذه العلاقة على التدفق الحر للغاز عبر أوكرانيا. وفي السنوات الأخيرة، ونتيجة للعلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي، تتعرض روسيا لضغوط متزايدة بسبب الحرب في شرق أوكرانيا، وضمها لشبه جزيرة القرم، وارتفاع الأسعار.

وبالنسبة للدول الأعضاء في أوروبا الشرقية، كان ذلك يعني قدرًا من عدم اليقين فيما يتعلق بالحصول على الطاقة. ولذلك، فمن الأهمية بمكان أن تكون هناك رقابة على الاتفاق الذي تمَّ توقيعه، أخيرًا، والذي بموجبه ستقوم روسيا بتزويد المجر بالغاز الطبيعي ابتداء من عام 2020 ، “بغض النظر عن الاتفاقات المتعلقة بنقل الغاز بين موسكو وكييف”.

ومن المقرر أن ينتهي سريان اتفاق نقل الغاز بين روسيا وأوكرانيا في نهاية عام 2019. ونظرًا لأن أوكرانيا وروسيا لا تزالان في حالة حرب فعلية، فمن غير المحتمل أن يتم تنفيذ أية اتفاقية عبور جديدة. لكن: ماذا يعني هذا بالنسبة لواردات الغاز الطبيعي المجرية؟ وفقًا لوزير الخارجية المجري “بيتر زيجارتو”، فإن صادرات الغاز الروسية إلى المجر سوف تمر عبر خط أنابيب “تورك ستريم” TurkStream.

اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية يتزايد

إن اعتماد أوروبا على الغاز الروسي يمثل قضيةً مثيرةً للجدل بشكل متزايد في مجال العلاقات الدولية؛ إذ من المقرر أن يقوم خط أنابيب “نورد ستريم 2” Nord Stream 2- وهو مشروع بقيادة شركة “غازبروم” – بربط ألمانيا بروسيا مباشرة، متجاوزًا بذلك أوكرانيا.

وقد تعرضت ألمانيا بسبب التزامها تجاه “نورد ستريم 2” بانتقادات متكررة من جانب الولايات المتحدة، إذ عارض وزير الخارجية السابق “ريكس تيلرسون”، والحالي “مايك بومبيو” بشدة خط الأنابيب، لأن “نورد ستريم 2” سيزيد اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية مع الإضرار في نفس الوقت بالأمن الاقتصادي والوطني لأوكرانيا.

ومن غير المحتمل أن تتحرك روسيا باتجاه قطع إمدادات الغاز الأوروبية إذا فشل الاتحاد الأوروبي في دعم سياسات محددة، ولكن الاحتمال الأرجح في هذا الإطار يتعلق بقلق كلٍ من صناع السياسة الأوروبيين والأميركيين. علاوة على ذلك، وبجانب قطاع الطاقة، هناك تحسن متزايد في العلاقة بين المجر وجارتها روسيا بالفعل، وهي مسألة تثير قلق الاتحاد الأوروبي. وكما يقلق الأمر الكثيرين، يمكن أن تكون المجر “حصان طروادة” في الاتحاد الأوروبي المجزأ بشكل متزايد.

ما أهمية العلاقات الروسية المجرية؟

يستند الاتحاد الأوروبي على مبدأ أن “الدول الديمقراطية أقوى وأكثر سلمية عندما تتعاون بعضها مع بعض وليس كل واحدة منفردة”. ولسوء الحظ، فعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، لم يكن الاتحاد الأوروبي ولا المجر قد التقيا في علاقات مباشرة.

وفي عهد رئيس الوزراء “أوربان”، اُتّهِمَت المجر بخرق القواعد الديمقراطية، فقد أضعفت حكومته بشدة حالة التعددية في وسائل الإعلام بالبلاد، وقامت بقمع المجتمع المدني والحرية التعليمية. في الوقت الذي وصف فيه “أوربان” المجر بأنها أول “ديمقراطية غير ليبرالية في أوروبا”، ويذهب إلى حد الاعتراض على العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا. وعلاوة على ذلك، ففي يونيو 2018، كانت المجر هي العضو الوحيد بالاتحاد الأوروبي الذي صوت ضد تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.

وبينما يُعدُّ زعزعة الاستقرار في الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الغربية الأخرى هدفًا بالنسبة لـ”الكرملين”، وهو الهدف الذي نجح فيه على الجبهة المجرية، نجد أن صفقات الغاز الطبيعي التي في عقر دار الاتحاد الأوروبي إلى جانب خطاب “أوربان” المعادي لأوروبا، كل ذلك يعمل لصالح بوتين. بجانب ذلك، فإن البنك الدولي للاستثمار يوشك أن ينتقل قريبًا إلى المجر؛ ذلك أن بنك الاستثمار الدولي، يعتبر “بنكًا تنمويًا” يقع مقره في موسكو، ويعتبره العديد من المسؤولين الأوروبيين بمثابة غطاء يمكن من خلاله تخريب المؤسسات الأوروبية. وكان “أوربان” قد منح – بالفعل – بنك الاستثمار الدولي حصانة ضد أية سلطة رسمية أو حتى النيابة العامة، ومنح مسؤولي هذا البنك وضعًا دبلوماسيًا في المجر. أمَّا بالنسبة لصانعي السياسة الأوروبيين والأميركيين، فإن العلاقات المجرية الروسية تستحق مزيدًا من التدقيق والمراجعة في المستقبل المنظور.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: جلوبال سيكيورتي ريفيو

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر