الانتخابات الرئاسية المصرية.. اتجاهات ودلالات | مركز سمت للدراسات

الانتخابات الرئاسية المصرية.. اتجاهات ودلالات 

التاريخ والوقت : الأربعاء, 31 يناير 2018

من سيحكم مصر في الأعوام القادمة؟.. كادت الهيئة الوطنية للانتخابات المصرية تغلق أبواب قبول أوراق مرشحين جدد، وتعلن أن الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس البلاد هو المرشح الأوحد لعرش مصر، إلا أن الساعات القليلة، قبل انتهاء يوم الاثنين الماضي، فوجئ فيها المصريون أن هناك منافسًا قد توجه بأوراقه واعتمدتها الهيئة الوطنية، ليخرج موسى مصطفى موسى عن حزب الغد المصري لجموع الشعب المصري منافسًا للرئيس الحالي للبلاد.

قدَّم موسى أوراق ترشحه للهيئة الوطنية للانتخابات بعد أن جمع العدد المطلوب من توكيلات التأييد اللازمة من نواب البرلمان ومن المواطنين أيضًا. وفي مؤتمر صحفي عقده بمقر الحزب في وسط القاهرة، مساء الاثنين، قال إنه قدَّم للهيئة الوطنية 27 استمارة تزكية من نواب البرلمان. وأضاف أن حملته جمعت أكثر من 40 ألف توكيل تأييد من المواطنين، لكن لم يسعفها الوقت لفرزها وفحصها وتقديمها للهيئة. (1)

خمس شخصيات لم تلحق بمارثونعرش مصر” 

بحسب المادة 142 من الدستور، يُشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يحصل المترشح على تزكية من 20 عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل.(2) وقد أعلنت الهيئة العليا للانتخابات فتح باب الترشيح من الفترة 20 إلى 29 يناير من العام الجاري، فيما تعلن اللجنة عن قائمة المرشحين المقبولين في 30 و31 يناير، ثم يتم الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين في 24 فبراير، وتكون فترة الدعاية الانتخابية ممتدة لشهر من إعلان القائمة النهائية للمرشحين، ويتم إعلان يوم 24 مارس هو فترة الصمت الانتخابي، وتبدأ عملية تصويت المصريين بالخارج أيام 16 و17 و18 من مارس القادم، ويتم تصويت المصريين في الوطن أيام 26 و27 و28 من مارس القادم.(3)

سامي عنانحصان طروادة” 

لا حبًا في عمرو، وربَّما كان كراهة في زيد، ربَّما كان هذا المثل العربي مرشحًا للتطبيق على أرض الواقع، من خلال إمكانية اصطفاف الأصوات غير المؤيدة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مشتملة على تصويت كتلة الإخوان المسلمين في الداخل والمتعاطفين معهم، وتصب لصالح المرشح الذي تمَّ القبض عليه، مؤخرًا، الفريق سامي عنان.

ترشح الرئيس الأسبق لأركان الجيش المصري سامي عنان، أعلنه في البداية حزب مصر العروبة في 11 كانون الثاني/ يناير، قبل أن يعلنه بنفسه في خطاب ينتقد فيه الحكومة الحالية بعد ثمانية أيام. عنان قال إنه سيترشح مدعومًا بنائبين له، هما: رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق هشام جنينة، وأستاذ العلوم السياسية حازم حسني، إلا أن حملته أعلنت وقف أنشطتها بعد إلقاء السلطات العسكرية القبض على عنان. القيادة العامة للقوات المسلحة قالت في بيان إن عنان “ارتكب مخالفات قانونية صريحة مثلت إخلالاً جسيمًا بقواعد ولوائح الخدمة”، وأكدت أن عنان لا يزال “مُستدعى” على قوة الجيش.(4)

ويبدو أن عنان كان في المشهد كأسطورة حصان طروادة الذي اختبأت الكتلة التصويتية داخله، إلا أن قرار القبض عليه كان أشبه بتلغيم حصان طروادة قبل أن يطأ بسنابكه أرض الميدان الانتخابي.

أحمد شفيقالثعلب العجوز

نفس الملعب، وبنفس الأدوات، ومن نفس البنية السياسية، خرج الفريق أحمد شفيق، الذي كان متوقعًا أن يغير من خريطة المشهد السياسي المصري، إلا أن قراره عقب البيان الذي ألقاه معلنًا تراجعه عن الترشح، تلقاه جمهور شفيق بنوع من الصدمة الأولى، ثم سرعان ما هدأت قوى مناصري الفريق شفيق، خليل الرئيس السابق محمد حسني مبارك.

لماذا نفس الأدوات ونفس التركيبة السياسية؟ 

علامَ يعتمد الفريق أحمد شفيق؟.. بمعادلة حسابية بسيطة نستطيع أن نستنتج من الانتخابات المصرية في عام 2013م، أن نصف الجمعية العمومية لكتلة تصويت الشعب المصري، كان يدعم الفريق أحمد شفيق. وأن الفارق البسيط الذي أعلنته لجنة الانتخابات يوضح هذا الإحصاء. نفس الأدوات القديمة التي اتبعها جمهور المحليات والمستفيدون من نظام الحزب الوطني السابق، القوى المحركة للتصويت في ربوع مصر، كانت هي أدوات الفريق شفيق. ولكن اختلفت المعادلة في 2018 مع اتفاق واستخدام نفس العنصر والأدوات؛ لأنها بالفعل محسومة لمن يتحكم في عجلة قيادة الوطن. وبالفعل ستتغنى بصيحته وترفع رايته وتؤيده باعتباره هو القائم الحالي بدور الرئيس.

الخلاصة أن الثعلب العجوز، ليس له مكان أو مسموح بوجوده في المشهد الانتخابي الجديد، ولكن يبقى السؤال: هل سيعترض مؤيدو شفيق ويمتنعون عن التصويت؟

لا توجد قضية عقائدية بين مؤيدي السلطة، القضية الوحيدة والهدف المعلن هو البرغماتية والنفعية السياسية؛ لذا فإن المؤيدين سيؤيدون بالتبعية وبحكم المنطق الرئيس الحالي.

خالد عليصوت اليسار المصري

من جهته، أعلن المحامي اليساري المدافع عن حقوق الإنسان، خالد علي، يوم الأربعاء، عدوله عن الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر المقررة في 26 آذار/ مارس في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي. وقال علي في مؤتمر صحفي “اليوم نعلن قرارنا بأننا لن نخوض هذا السباق”، عازيًا قراره إلى اعتقال بعض مساعديه في الحملة، إضافة إلى ضيق الفترة الزمنية التي تفصله عن موعد الانتخابات.(5)

مرشح الضرورة

يظل حزب الوفد المصري أعرق الأحزاب المصرية وأقدمها تاريخًا وإرثًا شعبيًا. وكان للزعيم المصري مصطفى النحاس، استشهاد نقله من جموع المصريين، يقول “لو رشح الوفد حجرًا لانتخبناه”، نظرًا للشعبية الهائلة التي يمتع بها حزب الوفد المصري قبل عام 1952م.

وفي عام 2018 يخرج السيد البدوي شحاتة، رئيس حزب الوفد المصري، معلنًا في 12 يناير الجاري: “أن حزب الوفد لن يكون له مرشح في انتخابات الرئاسة”. وأصدر حزب الوفد بيانًا أعلن فيه تأييد انتخاب السيسي لفترة رئاسية ثانية، وقال الحزب: “لأننا نعرف من هو الرئيس عبدالفتاح السيسي، وما يملكه من إرادة وعزيمة، فإنه الوحيد القادر على تحقيق إنجاز ظل المصريون يحلمون به لأكثر من 60 عامًا، وذلك في دورته الرئاسية الثانية، وهو إقامة نظام ديمقراطي سليم وحقيقي”. وتحدثت وسائل إعلام مصرية عن أن البدوي قام بعمل توكيل تأييد لانتخاب السيسي في الشهر العقاري. ولكن مع غياب أي مرشح منافس للسيسي، عقدت قيادات حزب الوفد برئاسة البدوي، الخميس، جلسة طارئة لبحث إمكانية الدفع بمرشح أمام السيسي في الانتخابات الرئاسية، بحسب ما أكده سليمان وهدان، عضو الهيئة العليا للوفد. وكان من بين الحاضرين في الجلسة، سكرتير عام حزب الوفد المستشار بهاء الدين أبوشقة، الذي يتولى ابنه محمد بهاء الدين منصب الممثل القانوني والمتحدث الرسمي باسم حملة السيسي الانتخابية.(6)

وبعد اجتماع عاصف استمر خمس ساعات، رفضت الهيئة العليا لحزب الوفد في مصر، ترشح السيد البدوي لرئاسة الجمهورية منافسًا للرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكدين استمرار قرارهم السابق بدعم الرئيس السيسي مرشحًا لولاية ثانية. وكان عدد من الأعضاء قد عبروا عن اعتراضهم فيما رأوه عدم استشارة للحزب وهيئاته قبل إعلان البدوي أمر ترشحه للرأي العام.(7)

وبوصف مراقبين ومجموعة من المحللين السياسيين، كان السيد البدوي شحاتة، مددًا بحسب الطلب، حيث “وصف مراقبون موقف رئيس حزب الوفد بأنه (مدد) للسيسي على حسب الحاجة، سواء مؤيدًا أو منافسًا في الانتخابات الرئاسية، إذ إن البدوي أعلن تأييده أولاً لانتخاب الرئيس لولاية ثانية، والآن يتجه للترشح أمامه مع تراجع أبرز الأسماء التي كانت قد أعلنت نيتها الترشح، مثل: المحامي الحقوقي خالد علي، ورئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق، واستدعاء رئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان، للتحقيق في اتهامات من وزارة الدفاع له بالتزوير والتحريض لإحداث وقيعة بين الشعب والجيش، وذلك بعد أيام على إعلان نيته الترشح للانتخابات الرئاسية”.(8)

مرتضى منصورفزاعة الخصوم والأقراص المدمجة

البرلماني ورئيس نادي الزمالك، مرتضى منصور، أعلن في 13 كانون الثاني/ يناير، أنه ينوي الترشح في الانتخابات المقبلة، مشيرًا إلى أنه سيتوجه إلى مجلس النواب لجمع التوقيعات اللازمة لترشحه رسميًا. لكنه تراجع، السبت، عن نيته في الترشح، وقال إنه سيعلن لاحقًا عن أسباب اعتذاره عن خوض السباق الرئاسي.(9)

مرتضى منصور يطل داخل ذاكرة الشعب المصري من خلال معركته مع لاعب الكرة المصري أحمد شوبير، وعرضه لأقراص الـ”سي دي” المدمجة  التي تناولت مكالمة مسجلة لخصمه. كما أنه اشتهر بنقده اللاذع لمجموعة من الإعلاميين، وكان دائم الظهور مع توفيق عكاشة، مالك قناة الفراعين.

علامَ ينتوي المصريون؟ 

ليس من المعلوم التنبؤ برد فعل الشعب المصري خلال الـ35 يومًا القادمة، وليس من السهولة التكهن بسيناريو استشرافي يمكن التثبت منه، وذلك للعديد من الأسباب:

1- الشريحة الأولى:

منذ بداية أحداث يناير 2011 وحتى الآن، فات قرابة 7 سنوات، وهو ما يعني أن الفتى صاحب الـ11 عامًا، أو الـ12 عامًا، أصبح على مشارف العشرين ويمتلك بطاقة للرقم القومي تؤهله للإدلاء بصوته، فأين ستتجه أصوات هذه الكتلة التي شهدت هذه الحقبة الزمنية من تاريخ الشعب المصري؟

2- الشريحة الثانية:

من شاركوا في أحداث يناير، أو ما يعرف بثورة الشعب المصري من شباب تراوحت أعمارهم ما بين 25 و30، أصبحوا الآن في أواسط الثلاثينيات، وبعضهم على مشارف الأربعين، فما موقفهم من هذه الانتخابات؟

3- الشريحة الثالثة:

وهي الشريحة التي صوتت للفريق أحمد شفيق في انتخابات ما بعد يناير، وهي شريحة ثابتة تتسم بميلها للجمود والثبات ويسهل تحريكها بأدوات الإعلام البسيطة من خلال قنوات إعلامية تتحكم فيها الدولة، ناهيك عن ترويج فكرة المؤامرة وما يلاقيه الوطن من مؤامرات. مثلت هذه الشريحة نصف كتلة تصويت الجمعية العمومية، لكنها في 2018 ربَّما تنحسر لتشكل 30% فقط نظرًا لارتفاع نسبة عدد وشريحة الشباب داخل كتلة التصويت بالجمعية العمومية. وهي شريحة ثابتة، تتصف بعدم قدرتها على المواجهة وامتلاك معرفة موجهة في حجم المتاح لها وما يقدم لها.

4- شريحة ألتراس:

وهو ما يمكن تسميته بمصطلح الاجتماع السياسي بالكتلة الحرجة، نظرًا لما يمتلكه هذا الشباب من روح التعاون والمغامرة في نفس الوقت. هذه الشريحة التي لا يمكن اعتبار صمتها مواتًا لها، ويمكن النظر إلى عدد الدراسات التي قامت بها الجامعة الأميركية في مصر عن دور هذه الشريحة في المجتمع المصري وأحداث ماسبيرو وميدان التحرير ومحمد محمود … بيد أن السؤال المنطقي الآن: هل صمت هؤلاء الشباب وانحسارهم يعني حالة موات، أم هو هدوء ما قبل العاصفة؟

تبدل التكنيك 

المراقب لحالة الشريحة الأولى وشريحة ألتراس – سواء كان أهلاويًا أو زملكاويًا – يلحظ حالة من الصمت المخيف والاكتفاء بعوالم الافتراض على الشبكة العنكبوتية، سواء كان فيس بوك، أو تويتر. غير أن هذا الحراك الافتراضي ليس كمثيله في أحداث ما قبل يناير 2011. من المؤكد ملاحظة حالة إحباط هؤلاء الشباب، لكن الصمت لا يعني الموات، إنما يعني اللجوء إلى تكنيك جديد لإدارة حراكهم، وهو الصندوق الانتخابي؛ حيث انتقلت معركة هؤلاء الشباب إلى معركة التصويت… إذن السؤال البديهي هو: هل ستنطلق هذه الجموع للتصويت؟

بيد أن الإجابة الحقيقية هي لا… لن تنطلق ولن تشارك ولن تبارك أي مرشح؛ لأنها لا تزال في حالة صمت، أو اجترار للماضي . غير أن حراكها لا يمكن التنبؤ به، أو التكهن برد فعله.

بقيت هناك شريحة تمثل 30% من تكتل تصويت الجمعية العمومية، وهذه الشريحة ليس من السهل تحريكها بسبب وجود أعداد كبيرة منهم من كبار السن، وبالتالي فإن مشاركة جموع المصريين في انتخابات الرئاسة القادمة ستكون هزيلة لأبعد حد. وهو أسلوب العزوف الذي ربَّما يلجأ إليه المصريون للتعبير عن رأيهم كنوع من أنواع الحراك الصامت لجمهور ترك المسرح للفرقة تؤدي العرض بلا جمهور.

وحدة الدراسات السياسية *

المراجع

1- وكالة أنباء رويترز، ظهور مرشح منافس للسيسي في انتخابات الرئاسة المصرية في اللحظة الأخيرة.

2- سي إن إن عربية، “الرئيس المرشح”.. الطامحون في الرئاسة يتساقطون أمام السيسي.

3- الموقع الرسمي للهيئة الوطنية للانتخابات المصرية، الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة.

4- الحرة، سباق الرئاسة المصري.. رحلة البحث عن مرشحين.

5- وكالة الأنباء الفرنسية، هل سيكون السيسي المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية المصرية؟

6- سي إن إن عربية، السيد البدوي.. “مدد” حسب الحاجة للسيسي في انتخابات الرئاسة.
7- العربية، تفاصيل رفض الوفد ترشيح البدوي لانتخابات رئاسة مصر.

8- سي إن إن عربية، السيد البدوي.. “مدد” حسب الحاجة للسيسي في انتخابات الرئاسة.

9- الحرة، سباق الرئاسة المصري.. رحلة البحث عن مرشحين.

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر