أدلجة الهوية الوطنية | مركز سمت للدراسات

أدلجة الهوية الوطنية 

التاريخ والوقت : الجمعة, 9 يونيو 2017

عبدالله الجنيد

 

عبر التاريخ السياسي لم ينجح نظام في أدلجة الهوية الوطنية من النازية إلى الشيوعية، إلا أن الحركة الصهيونية والإخوان المسلمين اعتمدوا منهجية الهندسة الاجتماعية لإعادة تشكيل الهوية الوطنية تدريجيا بدل اغتصاب السلطة جبريا. كليهما اعتمد مبدأ التكافل مع النظام السياسي اجتماعيا دون إبداء أي مظهر من مظاهر الطموح السياسي قبل ضمان جيلين متعاقبين من الموالين أيديولوجيا، و كليهما يعتمد مبدأ ( التعميد بالنار Baptism By Fire ) و ما قسم الإخوان على القرآن والمسدس إلا تأكيدا .

نجاح تنظيم الإخوان في الانتقال من حالة التكافل  Symbiosis إلى الاستحواذ على الهوية الوطنية في قطر يعتبر أنموذجا غير مسبوق في دولة غنية بالموارد الطبيعية فقيرة بشريا ومكانة سياسية. فقواعد التنظيم كانت الشعب الذي تفتقر إليه قطر وإن كلف ذلك تحولها من حاضنة سياسية إلى جسد سياسي يقتات عليه التنظيم الدولي للإخوان  عموديا قبل أفقيا. فتبني مشروع الأمة من قبل القيادة السياسية القطرية قد يكون تعويضا لمركب نقص أو إحساس بالاضطهاد القهري نتيجة رفض دول المجلس الاعتراف بالانقلاب الأبيض الذي قاده الأمير الوالد على أبيه. من هنا قد يقرأ حجم ما جندته القيادة السياسية من مقدراتها الوطنية في خدمة مشروع لايعترف بالجغرافيا السياسية القائمة كونها إرثا استعماريا.

تحديدا تلك هي كرة النار المتدحرجة من أقصى أفريقيا العربية والإسلامية إلى الشرق الأوسط العربي، و ما قطر وأموالها إلا نافخ الكير في آتونها. فإن كان أساس البيعة للحزب هي الحاكمية لله وللمرشد من بعده فأين موقع الانتماء الوطني وذلك القسم يؤدى على القرآن والمسدس وبالسمع والطاعة العمياء. تلك البيعة بكل مقوماتها تعتبر خيانة عظمى تستوجب أقصى وأقسى ما في القانون من تعزير . كذلك يتضح أن الولاء التام في أمة الإخوان يتماهى ومشروع الأمة الشيعية الذي يسوق له النظام الإيراني جملة وتفصيلا، فكليهما يعتمد الولاء المطلق على حساب الأوطان .

هدف السياسة الجديدة المعتمدة من الدول التي أعلنت قرار قطع العلاقات بقطر هو مغادرة مربع احتواء التهديدات للأمن القومي بالأدوات الدبلوماسية التقليدية ، وأن تتجاوز القراءة إلى المدلولات الاستراتيجية. قطر السياسية تعيش الآن داخل حدودها السياسية مكشوفة أمام مسؤوليتها الوطنية، فسمو الشيخ تميم هو سيد قرارها الوطني ولم يعد مقبولا تحميل “مراكز القوى” مسؤولية سياساتها العبثية. و بافتراض وجود مراكز القوى تلك، فهل هي من طلب القوات التركية أو أمير قطر. هذا التصعيد بالارتماء في الأحضان الإيرانية والتركية ليس وليد اللحظة بل هو نهج سياسيي كنا نطمح في تصحيحه لا تكريسه. و ها هي أحلام قطر بالعظمة تتكسر على صخر الواقع ولتكتشف بأنها ليست جزيرة وقد آن الوقت لتقتلع قطر سرطان الإخوان الذي بات يقتات على هويتها الوطنية.

كاتب ومحلل سياسي بحريني*

@aj_jobs

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر